باب فى هجوم الحركات على الحركات
  التقدير إلى تغزين. فوجب أن تقلب الياء لانضمام الزاى قبلها واوا، فتقول للمرأة: أنت تغزون؛ فيلتبس بجماعة المذكر.
  فهذا حكم المضموم مع المكسور. وليس كذلك المفتوح؛ ألا ترى الواو والياء صحيحتين بعد الفتحة؛ نحو هؤلاء يخشون ويسعون، وأنت ترضين وتخشين.
  فلمّا لم تغيّر الفتحة هنا فى المختلفين اللذين تغييرهما واجب، لم تغير الفتحتان اللتان إنما هما فى التغيير محمولتان على الضمّ مع الكسر. فإن قلت: فقد يقع اللبس أيضا بحيث رمت الفرق؛ ألا تراك تقول للرجال: أنتم تغزون، (وللنساء: أنتن تغزون)، وتقول للمرأة: أنت ترمين، ولجماعة النساء: أنتنّ ترمين.
  قيل: إنما احتمل هذا النحو فى هذه الأماكن ضرورة، ولو لا ذلك لما احتمل.
  ووجه الضرورة أن أصل أنتم تغزوون: تغزوون، فالحركتان - كما ترى - متفقتان؛ لأنهما ضمتان. وكذلك أنت ترمين؛ الأصل فيه ترميين، فالحركتان أيضا متفقتان؛ لأنهما كسرتان. فإذا أنت أسكنت المضموم الأوّل (ونقلت) إليه ضمة الثانى: وأسكنت المكسور الأوّل ونقلت إليه كسرة الثانى، بقى اللفظ بحاله، كأن لم تنقله ولم تغيّر شيئا منه، فوقع اللبس، فاحتمل؛ لما يصحب الكلام من أوّله (وآخره)؛ كأشياء كثيرة يقع اللبس فى لفظها، فيعتمد فى بيانها على ما يقارنها؛ كالتحقير والتكسير وغير ذلك؛ فلما وجدت إلى رفع اللبس بحيث وجدته طريقا سلكتها، ولمّا لم تجد إليه طريقا فى موضع آخر احتملته، ودللت بما يقارنه عليه.
  فهذه أحوال الحركات المنقولة، وغير المنقولة فيما كان فيه الحرفان جميعا متحرّكين.
  فأمّا إن سكن الأوّل فإنك تنقل الحركات جمع إليه. وذلك نحو أقام، ومقيم، ومقام، وأسار ومسير، ومسار؛ ألا ترى أن أصل ذلك أقوم، وأسير، ومقوم، ومسير، ومقوم، ومسير. وكذلك يقوم ويسير: أصلهما يقوم ويسير، فنقل ذلك كله؛ لسكون الأوّل.
  والضرب الثانى ممّا هجمت فيه الحركة على الحركة من غير قياس. وهو كبيت الكتاب:
  * وقال اضرب الساقين إمّك هابل*