الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى توجه اللفظ الواحد إلى معنيين اثنين

صفحة 390 - الجزء 2

  ومن ذلك بيت الطرمّاح:

  وما جلس أبكار أطاع لسرحها ... جنى ثمر بالواديين وشوع⁣(⁣١)

  قيل فيه قولان: وشوع أى كثير. ومنه قوله:

  * إنى امرؤ لم أتوشّع بالكذب⁣(⁣٢) *

  أى لم أتحسّن به ولم أتكثّر به. وقيل: إنها واو العطف، والشّوع: ضرب من النبت.

  ونحو من ذلك ما أنشده أبو زيد (من قول الشاعر):

  * خالت خويلة أنّى هالك ودأ*

  قيل: إنه واو عطف أى إنى هالك (وداء) من قولهم: رجل داء أى دو، ثم قلب. وحدّثنا عن ابن سلام أن أعرابيا قال للكحّال: كحلنى بالمكحال الذى تكحل به العيون الداء. وأجاز أيضا فى قوله: (ودأ) أن يكون فعلا من قوله:

  وللأرض كم من صالح قد تودّأت ... عليه فوارته بلمّاعة قفر⁣(⁣٣)

  أى غطّته وثقّلت عليه. فكذلك يكون قوله: إنى هالك كدّا وثقلا، وكان يعتمد التفسير الأوّل، ويقول: إذا كانت الواو للعطف كان المعنى أبلغ (وأقوى) وأعلى؛


(١) البيت من الطويل، وهو للطرماح فى ديوانه ص ٢٩٥، ولسان العرب (جلس)، وكتاب العين ٢/ ١٩٠، ٢١٠، وتهذيب اللغة ٣/ ٦٦، ١٠/ ٥٤٨، وتاج العروس جلس، (وشع)، وبلا نسبة فى لسان العرب (وشع)، والمخصص ٥/ ١٥. الجلس: العسل. يريد بالأبكار أفراخ النحل لأن عسلها أطيب وأصفى. قيل: وشوع كثير، وقيل: إنّ الواو للعطف، والشّوع: شجر البان، الواحدة شوعة. ويروى: وشوع، بضمّ الواو، فمن رواه بفتح الواو وشوع فالواو واو النّسق ومن رواه وشوع فهو جمع وشع، وهو زهر البقول. (اللسان وشع).

(٢) الرجز للقلاخ فى لسان العرب (وشع)، وتهذيب اللغة ٨/ ١٥٥، وتاج العروس (وشع)، (وشغ).

(٣) البيت من الطويل، وهو لهدبة بن الخشرم فى ديوانه ص ٩٦، ولسان العرب (لمأ)، (ودأ)، (قدر)، وتاج العروس (لمأ)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١٠٩٤، وكتاب العين ٨/ ٩٦، ٣٤٥، وتاج العروس (ودأ). الودأ: الهلاك، وتودّأ عليه: أهلكه.