باب فى توجه اللفظ الواحد إلى معنيين اثنين
  كأنه ذهب إلى ما يراه أصحابنا من قولهم فى التشهد: التحيّات لله، والصلوات لله، والطّيبات. قالوا: لأنه إذا عطف كان أقوى له، وأكثر لمعناه، من أن يجعل الثانى مكررا على الأوّل بدلا أو وصفا. وقال الأصمعىّ فى قوله:
  * وأخلفوك عدا الأمر الذى وعدوا(١) *
  أراد جمع عدة. وقال الفرّاء: أراد عدة الأمر، فلمّا أضاف حذف الهاء؛ كقول الله سبحانه: {وَإِقامِ الصَّلاةِ}[النور: ٣٧] وهذا يجيء فى قول الأصمعىّ على القلب؛ فوزنه على قوله: علف الأمر.
  وهذا باب واسع. وأكثر فى الشعر. فإذا مرّ بك فتنبّه عليه (ومنه قوله:
  وغلت بهم سجحاء جارية ... تهوى بهم فى لجّة البحر(٢)
  يكون: فعلت ن التوغل. وتكون الواو أيضا عاطفة، فيكون من الغليان.
  ومنه قوله:
  * غدوت بها طيّا يدى برشائها(٣) *
  يكون فعلى من طويت. ويجوز أن يكون تثنية طىّ، أى طيّا يدى، وأراد: طياها بيدى فقلب).
  ومنه بيت أوس:
  فملّك بالليط الذى تحت قشرها ... كغرقيء بيض كنّه القيض من عل(٤)
(١) عجز البيت من البسيط، وهو للفضل بن عباس فى شرح التصريح ٢/ ٣٩٦، وشرح شواهد الشافية ص ٦٤، ولسان العرب (غلب)، (خلط)، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٧٢، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٥/ ٢٤١، وأوضح المسالك ٤/ ٤٠٧، وشرح الأشمونى ٢/ ٣٠٤، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٦، ولسان العرب (وعد)، (خلط). وصدره:
* إن الخليط أجدوا البين فانجردوا*
تودّأت عليه الأرض: أى استوت عليه مثلما تستوى على الميّت. اللماعة: الفلاة يلمع فيها السراب. والبيت فى اللسان (ودأ).
(٢) السجحاء: الناقة التامة الخلق.
(٣) عجز البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه ١/ ٩، والمخصص ١٠/ ٦، وتهذيب اللغة ٣/ ٤٣، ولسان العرب (وكع)، (عمى)، وتاج العروس (وكع).
(٤) البيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر فى ديوانه ص ٩٧، ولسان العرب (ليط)، وتهذيب =