باب فى الاكتفاء بالسبب من المسبب
  بالخلوق من السبب الذى هو الاستقاء معه.
  ومثله قول الآخر:
  يا عاذلاتى لا تردن ملامتى ... إن العواذل لسن لى بأمير(١)
  أراد: لا تلمننى، فاكتفى بإرادة اللوم منه، وهو تال لها ومسبّب عنها. وعليه قول الله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً}[البقرة: ٦٠] أى فضرب فانفجرت؛ فاكتفى بالمسبّب الذى هو الانفجار من السبب الذى هو الضرب. وإن شئت أن تعكس هذا فتقول: اكتفى بالسبب الذى هو القول، من المسبب الذى هو الضرب.
  ومثله قوله:
  * إذا ما الماء خالطها سخينا(٢) *
  إن شئت قلت: اكتفى بذكر مخالطة الماء لها - وهو السبب - من الشرب وهو المسبّب. وإن شئت قلت اكتفى بذكر السخاء - وهو المسبّب - من ذكر الشرب وهو السبب.
  ومثله قول الله عز اسمه: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}[البقرة: ١٩٦] أى فحلق فعليه فدية. وكذلك قوله: {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٥] أى فأفطر فعليه كذا.
(١) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ٢/ ٥٦١، ومغنى اللبيب ١/ ٢٣٢.
(٢) عجز البيت من الوافر، وهو لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤، ولسان العرب (طلح)، (حصص)، (سخن)، (سخا)، وجمهرة اللغة ص ٩٩، وتاج العروس (حصص)، (سخن)، وكتاب العين ١/ ٧١، والمخصص ٣/ ٢، ١٥/ ٦٠، والأغانى ١١/ ٤٥، وجمهرة أشعار العرب ١/ ٣٨٩، والخزانة ٣/ ١٧٨، وشرح ديوان امرئ القيس ص ٣٢٠، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ١/ ١٨٨، وشرح القصائد السبع ص ٣٧٢، وشرح القصائد العشر ص ٣٢١، وشرح المعلقات السبع ص ١٦٥، وشرح المعلقات العشر ص ٨٨، وشعراء النصرانية ص ٤٥٥، وللتغلبى فى تاج العروس (طلح)، ومقاييس اللغة ٢/ ١٣، ٣/ ١٦٨، وديوان الأدب ٤/ ٩٢، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (حصص)، وصدره:
* مشعشعة كأن الحص فيها*