ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب
  مرّة لأبى علىّ - (وهذا الموضع يقرأ عليه من كتاب أصول أبى بكر |) -: يجوز أن يكون (تنوفى) مقصورة من تنوفاء بمنزلة بروكاء(١)، فسمع ذلك وعرف صحّته.
  وكذلك القول عندى فى مسولى(٢) فى بيت المرّار:
  فأصبحت مهموما كأنّ مطيّتى ... بجنب مسولى أو بوجرة ظالع(٣)
  ينبغى أن تكون مقصورة من مسولاء؛ بمنزلة جلولاء.
  فإن قلت: فإنا لم نسمع بتنوفى ولا مسولى ممدودين، ولو كانا أو أحدهما ممدودا لخرج ذلك إلى الاستعمال.
  قيل: ولم يكثر أيضا استعمال هذين الاسمين، وإنما جاءا فى هذين الموضعين.
  بل لو كثر استعمالهما مقصورين لصحّ ما (أردته) ولزم ما أوردته؛ فإنه يجوز أن يكون ألف (تنوفى) إشباعا للفتحة؛ لا سيما وقد رويناه (تنوف) مفتوحا كما ترى، وتكون هذه الألف ملحقة مع الإشباع لإقامة الوزن؛ ألا تراها مقابلة لياء مفاعيلن؛ كما أنّ الألف فى قوله:
  * ينباع من ذفرى غضوب جسرة*
  إنما هى إشباع للفتحة طلبا لإقامة الوزن؛ ألا ترى أنه لو قال: «ينبع من ذفرى» لصحّ الوزن؛ إلا أن فيه زحافا هو الخزل(٤)؛ كما أنه لو قال: «تنوف» لكان الجزء مقبوضا. فالإشباع إذا فى الموضعين إنما هو مخافة الزحاف الذى مثله جائز.
(١) البروكاء: أى يبترك القوم فى القتال ويحبسوا على الركب ويقتتلوا ابتراكا. والبراكاء: الثبات فى الحرب والجدّ.
(٢) مسولى: موضع.
(٣) البيت من الطويل. وهو للمرار بن سعيد الفقعسى فى ديوانه ص ٤٦٢، ولسان العرب (مسل)، وتاج العروس (مسل). وجرة: موضع. وظالع من الظلع، وهو عرج يسير.
(٤) الخزل والخزلة فى الشعر ضرب من زحاف الكامل، سقوط الألف وسكون التاء من متفاعلن، فيبقى متفعلن، وهذا البناء غير مقول فيصرف إلى بناء مقول وهو مفتعلن اللسان (خزل).