باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية
  كقوله ø: {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ}[الانفطار: ٨] وكذلك نظائر هذا: هذه سبيله.
  فأمّا قول من طغى به جهله، وغلبت عليه شقوته، حتى قال فى قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}[القلم: ٤٢]: إنه أراد به عضو القديم، وإنها جوهر كهذه الجواهر الشاغلة للأماكن، وإنها ذات شعر، وكذا وكذا ممّا تتايعوا(١) (فى شناعته) وركسوا فى (غوايته) فأمر نحمد الله على أن نزّهنا عن الإلمام بحراه. وإنما الساق هنا يراد بها شدّة الأمر؛ كقولهم: قد قامت الحرب على ساق. ولسنا ندفع مع ذلك أن الساق إذا أريدت بها الشدّة فإنما هى مشبّهة بالساق هذه التى تعلق القدم، وأنه إنما قيل ذلك؛ لأن الساق هى الحاملة للجملة، المنهضة لها. فذكرت هنا لذلك تشبيها وتشنيعا. فأما أن تكون للقديم - تعالى - جارحة: ساق أو غيرها، فنعوذ بالله من اعتقاده (أو الاجتياز) بطواره. وعليه بيت الحماسة:
  كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشرّ الصراح(٢)
  وأمّا قول ابن قيس فى صفة الحرب والشدّة فيها:
  تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى ... عن خدام العقيلة العذراء(٣)
(١) التتايع: الإسراع فى الشر.
(٢) البيت من مجزوء الكامل، وهو لجد طرفة (سعد بن مالك) فى ديوانه ص ٥٤١، ولسان العرب (سوق)، وتهذيب اللغة ٩/ ٢٣٣، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٥٠٤، وتاج العروس (سوق). وقوله: «كشفت» أى الحرب المذكورة قبل. ويقول التبريزى فى شرح الحماسة (٢/ ٧٦): «هذا مثل تضربه العرب فى كشف الساق. وذلك أن الرجل إذا أراد أن يمارس أمرا شمّر ذيله، فاستعمل ذلك فى الأنيس، ثم نقل إلى الحرب وغيرها من خطوب الدهر التى تعظم وتشتدّ. وقد قيل: الساق اسم للشدّة، وفسّر عليه قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}، فقيل: المعنى: يوم يكشف عن شدّة». (نجار).
(٣) البيت من الخفيف، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص ٩٦، والأغانى ٥/ ٦٩، وخزانة الأدب ٧/ ٢٨٧، ١١/ ٢٧٧، وسر صناعة الإعراب ص ٥٣٥، وشرح المفصل ٩/ ٣٧، ولسان العرب (شعا)، والمنصف ٢/ ٢٣١، ولمحمد بن الجهم بن هارون فى معجم الشعراء ص ٤٥٠، وبلا نسبة فى الإنصاف ص ٦٦١، وتذكرة النحاة ص ٤٤٤، ولسان العرب (خدم)، ومجالس ثعلب ص ١٥٠. =