السقيفة وبيعة أبي بكر
  فلما ذهبا يبايعانه سبقهما بشير بن سعد(١) فبايعه، فناداه الحُباب بن المنذر: يا بشير؛ عقتك عقوق، وما اضطرك إلى ما صنعت! أنفست(٢) على ابن عمِّك بالأمارة - يعني سعد بن عبادة -؟
  ثم قام الحباب بن المنذر إلى سيفه فأخذ بقائمة وبادره إليه، فأخذوه منه، فجعل يضربهم بثوبه في وجوههم حتى فرغوا.
  وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطأون سعداً وهو مريض، وقال ناس من أصحاب سعد: لا تطأوه.
  فقال عمر: اقتلوا سعداً قاتله الله، إنه(٣) صاحب فتنة(٤).
  ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأ بطنك حتى أنثر حشوتك.
  فقال سعد: أما والله لو أن لي ما أقوى به علي القيام لسمعتم مني في أقطارها وسككها زئيراً يزحزحك وأصحابك. احملوني من هذا المكان.
  فحملوه وأدخلوه داره، ثم سألوه بعد ذلك البيعة، فكان سعد لا يُصلِّي بصلاتهم، ولا يجتمع معهم، ولا يقضي بقضائهم؛ حتى هلك أبو بكر وولي عمر(٥).
  فلقيه عمر في بعض طريق المدينة وهو على فَرَس وعمر على بَعير فقال: إيهاً يا سعد!.
  فقال: إيهاً يا عمر!؟
(١) بشير بن سعد بن ثعلبة الجلاس الأنصاري الخزرجي، بدري عقبي، شهد أُحداً والخَنْدق، وقُتِل بعين التمر سنة ١٣ هـ مع أبي بكر. وهو أول من بايعه من الأنصار.
(٢) أنفست: حسدت.
(٣) نخ (ب): فإنه.
(٤) (ب): فإنه صاحب فتنة.
(٥) الطبري: ٣/ ٤٥٩، ابن الأثير: ٢/ ١٢٦، كنز العمال: ٣/ ١٣٤ ح ٢٢٩٦، الإمامة والسياسة: ١/ ١٠، السيرة الحلبية ٤/ ٣٩٧، الرياض النضرة: ١/ ١٦٨. معالم المدرستين: ١/ ١٧٥.