الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[ذكر كتاب الخوارج في الطعن على أمير المؤمنين # وشيعته]

صفحة 14 - الجزء 1

  ولو أوصَى رسول الله ÷ - كما قالوا - ثم قُهِر ومُنِع حقه؛ لكانت بيعة أبي بكر وعمر كفراً وضلالاً⁣(⁣١)؛ لأن من ترك وصية رسول الله ÷ وتعدى أمره كفر، وقد كذَّب أمره من قال بذلك؛ لأن رسول الله ÷ لم يوص أحداً بالإمامة غير أنه أمر أبا بكر أن يَؤُمَّ الناس في مرضه، فلما توفي أجمع الناس على بيعته، ورضوا به، وعليّ راضٍ بذلك فبايع [معهم]⁣(⁣٢) راضٍ غير كاره.

  ولو أوصَى رسول الله ÷ - كما قالوا - لما حل أن تُترك وصية رسول الله ÷، وما قدر أبو بكر وعمر أن يمنعاه وصية رسول الله ÷؛ لأنه كان أشرف منهما بيتاً، وأشجع منهما، وأكثر عشيرة، لأن بني هاشم كانوا أقوى من تيم وعدي.

  وعلي أيضاً أحد الستة الذين صَيّر عمر في الشورى أن يختاروا أفضلهم في أنفسهم للإمامة، فاختاروا عثمان جميعاً، فبايعوا له وعلي راضٍ فبايع، وهذا شيءٌ قد أجمعت الأمَّة عليه، واتسقت الأخبار فيه، واتفقت وتكاملت.

  فيا سبحان الله العظيم! ما أعظم فرية الشيعة وأجرأهم على الله.

  وقد قاتل علي حين بايع له الناس بعد عثمان كل من نقض عليه بيعته وخالفه، مثل طلحة، والزبير، ومعاوية⁣(⁣٣)؛ حتى قُتل بينهم ما لا يحصيه إلا الله، فكيف وصية رسول الله ÷ تضيع وتترك؟! هذا ما لا يقبله القلب.


= كان يصيح على السَّبُع فتنفتق مرارته. ذكره في الكشاف. أخرج له أئمتنا الثلاثة والهادي للحق والجماعة. عنه ولده عبد الله وخزيمة بن أوس وغيرهما.

(١) وفي حاشية الأصل تعليقاً: كفى بهذا شاهداً على أنفسهم.

(٢) من (ب، ج) وفي (أ): منهم.

(٣) معاوية بن أبي سفيان بن حرب، المتوفي في رجب سنة ٦١ هـ. من مسلمة الفتح، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، رأس الفئة الباغية، الداعية إلى النار، القاتلة لعمار.