الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[ذكر كتاب الخوارج في الطعن على أمير المؤمنين # وشيعته]

صفحة 15 - الجزء 1

  وقد نحلوا علياً الضَّعْف، وألزموه وجميع الأُمَّة الكفر والضلال، والذي قال بذلك أشتم لعلي وأكذب.

  وقد بلغنا عن بعض العلماء أنه رفع عن علي أنه قال: «سيهلك فيَّ اثنان: عدوٌ مفرط، ومحب مغرق».

  فأمَّا أهل الشام فهم أصحاب عثمان ومعاوية وعَمْرو فيطعنون على علي ويفرطون.

  وأمَّا الشيعة فيغرقون فيه حتى كذبوا عليه، وأنحلوه ما لم ينحل نفسه، ولم يدّعه قط، ولم يقل فيه.

  وكذلك قالت النصارى في عيسى بن مريم # حين جعلوه إلها وسموه ابن الله، وجعلوه وأُمَّه وربَّ العالمين ثلاثة، فسبحان الله عمَّا يقولون علواً كبيراً، وعيسى - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ - بريء منهم غير راض به، بل قال: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ}⁣[مريم: ٣٠]، وقالت اليهود عزير بن الله، وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه كذباً على الله وجرأة عليه، قال الله - تبارك وتعالى -: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}⁣[المائدة: ١٨].

  وكذلك قالت الشيعة إن علياً يعلم الغيب، وقال بعضهم إنه إله، وقال بعضهم إنه وصي.

  فيا سبحان الله! ما أشبه بعضهم ببعض، ولو كان علي يعلم الغيب ما حكَّم الحكمين، وهو يعلم أنهما يخلعانه من الإمامة ويجعلانها [لغيره]⁣(⁣١)، وكذبوا ليس يعلم الغيب إلا الله رب العالمين، وقد ذكر الله في كتابه قول نبيه محمَّد ÷ فقال: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ}⁣[الأعراف: ١٨٨].

  ولو كان أحد يعلم الغيب لعلمته الملائكة والأنبياء، وكانوا أحق بذلك، وقد سأل الله الملائكة فقال: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ٣١ قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا


(١) تصويب من (ب، ج) ففي (أ): ويجعلانها له.