[ذكر كتاب الخوارج في الطعن على أمير المؤمنين # وشيعته]
  عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[البقرة: ٣١ - ٣٢] وصدقوا لم يكلفوا ما لا يعلمون، فلم يكن ذلك عليهم عاراً ولا عيباً.
  ولو كان أحد يعلم الغيب لكانت أنبياء الله وملائكته أعلم بذلك من غيرهم؛ لفضلهم على غيرهم الذي فضَّلهم الله به، ليس أهل الجور والكذب إلا يقولون على الله ما لا يعلمون.
  وأمَّا قولهم إنه غُلب على رأيه حتى حَكَّم الحَكَمين، فلو كان بما قالوا حقاً من أنه غير راضٍ بحكمهما طائعاً وكارهاً، ويعلم أنهما يَحكمان بغير ما أنزل الله فقد كفروا ونسبوه إلى الضعف والضلال؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}[المائدة: ٤٥] و {الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤] و {الْفَاسِقُونَ}[المائدة: ٤٧] ثلاث آيات متتابعات من كتاب الله.
  وقال الله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩].
  وقد عَلِمَ أهل العقول والألباب من أهل العلم أن معاوية وعمرو ومن اتبعهما قد بغوا، وأسرفوا، واستحلوا قتل المسلمين بغير الحق لو لم يكن من جَورهم إلا قتل عمَّار بن ياسر وابن بديل، فكيف وقد قُتِل من شِبههما نحو من سبعين ألفاً من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان؟!.
  فإن كان علي قاتلهم على حكم الله وكتابه؛ فَلِم جَوَّز لنفسه أن يترك حكم الله الذي حكم به على الفئة الباغية، وحَكَّم عمرو بن العاص(١) شانئ رسول الله في الجاهلية والإسلام، والمستحل لدماء المسلمين بغير الحق، وأبا موسى الأشعري(٢) المخدوع؟
(١) عمرو بن العاص بن وائل السهمي، أبو محمد، المتوفى سنة ٤٣ هـ بمصر عن ٧٠ سنة. كان من رؤوس القاسطين الباغين، تطابق حاله وحال معاوية فقد كان في الغاية من المكر والدهاء والإِغترار بحلم الملك الجبّار، وحسبه من العار في الدنيا واقعته التي تخلّص بها من ذي الفقار حتى ضُربت بها الأمثال في الأشعار، قال الشاعر: =