الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[امتناعه # عن مجاهدة الخلفاء الثلاثة]

صفحة 122 - الجزء 1

  فقل للخوارج: لم جوَّزتُم لرسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ الإمساك عن المشركين فلم يقاتلهم وقد علم أنهم لا يقتلونه، ولم تجوِّزوا لعلي الإمساك عن أبي بكر وقد علم أنه لا يقتله؟

  فإن قالوا: إن الله أمره بذلك.

  فقل: وإن رسول الله أمر علياً بذلك، مع أن الله ø يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}⁣[الأحزاب: ٢١]، فأي شيءٍ أحسن عند الله ممَّن اقتدى برسوله واتبع سنته؟

  ومن ذلك ما روى طلحة بن عبيد الله، وكان داهية قريش؛ إذ قال لعلي بن أبي طالب: إنِّي سمعتك تقول يوم بويع أخو تيم تعدد فضائلك ومناقبك، فقام عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فشهدا أن رسول الله ÷ قال: «إنَّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا فلم يكن ليجمع لنا الخلافة مع النبوة».

  فقال علي بن أبي طالب: يا طلحة بن عبيد الله؛ قد قلت فاسمع: إنَّا والله لئن كان رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته قال هذا القول ما خلق الله قوماً شرًّا منكم يا أصحاب الشورى؛ إذ أدخلتموني في أمر زعمتم أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قال ليس لنا فيه شيءٌ.

  ولئن كانا شهدا على رسول الله ÷ زوراً لقد خاب وأثم من قال الزور، فأيهما تقول؟

  فما رد عليه حرفاً.

  ومن ذلك: قول عمر بن الخطاب وشهادته على أبي بكر يوم وفاته وشهادته لعلي يوم الشورى دليل على أن بيعة أبي بكر كانت عنده خطأ وأن الحق في بيعة علي.

  فأمَّا شهادته على أبي بكر فقوله عند وفاته إذْ وُلِّي الأمر فقام خطيباً فقال: أيها الناس؛ إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه.