الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[حديث المناشدة]

صفحة 186 - الجزء 1

  قالوا: اللهم لا.

  قال: أفيكم من قال له رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ يوم الغدير عن أمر الله ما قال لكم: «أيُّها الناس؛ من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه،


= فإن قال قائل: إن الآية أتت بذكر {الَّذِينَ ءَامَنُوا} بلفظ الجمع، وهذا عام في الذين آمنوا؛ لأن كلاً منهم يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، فأي تخصيص حصل لأمير المؤمنين #؟ وأي فرق علم من مفهوم الآية؟.

قلنا: الجواب عن ذلك: أن الله سبحانه وتعالى قال: {وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ولا نعلم من لدن آدم # إلى يومنا هذا أن أحداً تصدق بالخاتم في الركعة ونزلت في حقه آية غير أمير المؤمنين #، فأبان الفرق غاية الإبانة، وخصص ما كان بلفظ العموم غاية التخصيص وهو بقوله تعالى: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} وهذه النون في {الَّذِينَ ءَامَنُوا} نون العظمة. قال الله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}⁣[القصص/٤] وهو تعالى واحد، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}⁣[الحجر/٩] فتكون حينئذٍ نون العظمة لا نون الجمع، والمراد بها الواحد، ونقيس على لفظتها التثنية، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في آية المباهلة بلفظ الجمع وفاطمة & بقوله تعالى: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}⁣[آل عمران/٦١] وذلك شائع في اللغة العربية، فإذا حصل الإتفاق من الخاص والعام على أن هذه الآية مختصة بأمير المؤمنين # وليس واحد ممن قال بولايته وولاية غيره يرتاب في اختصاصها به # فنقول إن معنى قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ} يريد أولى بكم من أنفسكم، ورسوله كذلك أولى بكم من أنفسكم، يدل عليه قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}⁣[الأحزاب/٦] وقد شرَّك الله سبحانه مع ولايته وولاية رسوله ثالثاً وعيَّنه تعيينا جليًّا، وأشار إليه بإيتاء الزكاة في الركعة إشارة متفقاً عليها من الخاص والعام فثبت له من فرض الولاية ما ثبت لله تعالى ولرسوله ÷ على كافة خلق الله تعالى كما ثبت لله تعالى ولرسوله ÷ بلفظ ولي في الآية، ولولا ما حجزنا به إيماننا من الوقوف دون الحدود المضروبة محاذرة الوقوع فيها لقلنا لتظاهر الأدلة ما قال أبو فراس:

تالله ما جهل الأقوام موضعها ... لكنهم ستروا وجه الذي علموا

انتهى المراد نقله من كلام الإمام عبد الله بن حمزة #، أنظر الشافي: القسم ١/ج ١/ ١٢٤.