الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[اشتغال علي # بجهاز رسول الله ÷]

صفحة 190 - الجزء 1

  قد علمت الأُمَّة أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ آخا بين أصحابه فاختار بعضهم لبعض على قدر فضائلهم، وسوابقهم، ومنازلهم.

  فآخا بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عبد الرَّحمن بن عوف وعثمان بن عفّان، وبين سعد بن أبي وقّاص ومعاذ بن جبل، وآخا بين نفسه ~ وَآلِهِ وبين علي بن أبي طالب⁣(⁣١)؛ إذ لم يكن له كفواً في جميع الأرض غيره، ولا نظير له فيهم غيره، وكان كل واحد منهم برًّا بأخيه، مصفياً له هواه، مائلاً إليه بودِّه، ولا يؤثر عليه غيره.

  فكان النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام أبر الخلق بأخيه، لا يتقدمه عنده أحد في ثقته، وبره إيَّاه، وإفضائه بأسراره إليه أولى الخلق بذلك ~ وَآلِهِ؛ حتى إذا حضرته الوفاة أوصى إليه بقضاء دينه، وإنفاذ عدَّته، وغسله وحنوطه وكفنه، دون الأُمَّة كلها، لا يختلف في ذلك أحد.

  فقام علي ¥ بهذا كله دون الخلق مع ما عهد إليه وإلى الأُمَّة فيه من الولاء في غدير خُمٍّ.

[اشتغال علي # بجهاز رسول الله ÷]

  فلما توفي ÷ اشتغل علي بجهاز أخيه، واشتغل أبو بكر وعمر بطلب مقام علي من رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، فدعا كل واحد منهما الناس إلى بيعة أخيه كما دعا رسول الله ÷ إلى بيعة عليٍّ أخيه، فلم يُطَعْ إذ دعا إليها، وأُطِيْع عمر إذ دعا إلى بيعة أخيه أبي بكر، فقام أبو بكر مقام عليٍّ، وكان طلب الخلافة عندهما أولى من جهاز رسول الله ÷، ومواراته في قبره ÷، والحزن عليه، وعظم المصيبة⁣(⁣٢).


(١) أنظر المناقب للكوفي: ١/ ٣١٩ ح ٢٤١، ص ٣٠٦ ح ٢٢٥، ص ٣٢٥ ح ٢٤٦، ص ٣٢٨ - ٣٢٩ ح ٢٥٣.

(٢) (ب): عظم الميتة.