[اطلاعه ÷ عليا # على بعض المغيبات، وذكر جملة من ذلك]
  علم الغيب على ما لم يطلع عليه أحد بعد رسول الله مُبلِّغاً عن الله، وكان علي مُبلِّغاً عن رسول الله.
  فإن قالوا: قد ادعيتم أن رسول الله ÷ قد أطلعه على ما كان وعلى ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما باله حكَّم الحكمين وهو يعلم أنهما يخلعانه وقد أعلمه النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بذلك؟
  فقل لهم: ليس عليه بتحكيم الحكمين إن كان حكمهما حجة، ولا يلزمه في ذلك إلا ما يلزم أنبياء الله ($) بعلمهم لمن(١) لا يؤمن بهم ثم يدعوهم إلى الإيمان.
  وهذا نوح # لبث في قومه يدعوهم إلى الله [تعالى](٢) ألف سنة إلا خمسين عاماً، فما كان علمه أنهم لا يؤمنون إذ قال: {رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ٢٦ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}[نوح: ٢٦ - ٢٧]؛ فمن أين علم أن مَنْ في أصلاب(٣) الرجال وأرحام النساء من قومه لا يكونون إلا كفاراً؟ فما معنى دعائه إياهم وقد علم أنهم يضلون عباد الله وأنهم لا يجيبونه.
  فليس يلزم [عليًّا](٤) من الحجة بعلمه أن الحكمين يخلعانه إذ حكّمهما إلا ما يلزم نوحاً # إذ دعا قومه وهو يعلم أنهم لا يجيبونه.
  ولِمَ أمر الله تعالى محمَّداً ÷ أن ينذر عشيرته الأقربين أبا لهب وغيره من أهل بيته، وقد أنزل الله عليه فيه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}[المسد: ١ - ٣] فلم دعاه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وقد
(١) في (ب): ممَّن.
(٢) من (ب).
(٣) في (ب): أن في أصلاب.
(٤) من (ب)، وفي (أ): عليّ.