الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[اطلاعه ÷ عليا # على بعض المغيبات، وذكر جملة من ذلك]

صفحة 220 - الجزء 1

  علم الغيب على ما لم يطلع عليه أحد بعد رسول الله مُبلِّغاً عن الله، وكان علي مُبلِّغاً عن رسول الله.

  فإن قالوا: قد ادعيتم أن رسول الله ÷ قد أطلعه على ما كان وعلى ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما باله حكَّم الحكمين وهو يعلم أنهما يخلعانه وقد أعلمه النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بذلك؟

  فقل لهم: ليس عليه بتحكيم الحكمين إن كان حكمهما حجة، ولا يلزمه في ذلك إلا ما يلزم أنبياء الله ($) بعلمهم لمن⁣(⁣١) لا يؤمن بهم ثم يدعوهم إلى الإيمان.

  وهذا نوح # لبث في قومه يدعوهم إلى الله [تعالى]⁣(⁣٢) ألف سنة إلا خمسين عاماً، فما كان علمه أنهم لا يؤمنون إذ قال: {رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ٢٦ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}⁣[نوح: ٢٦ - ٢٧]؛ فمن أين علم أن مَنْ في أصلاب⁣(⁣٣) الرجال وأرحام النساء من قومه لا يكونون إلا كفاراً؟ فما معنى دعائه إياهم وقد علم أنهم يضلون عباد الله وأنهم لا يجيبونه.

  فليس يلزم [عليًّا]⁣(⁣٤) من الحجة بعلمه أن الحكمين يخلعانه إذ حكّمهما إلا ما يلزم نوحاً # إذ دعا قومه وهو يعلم أنهم لا يجيبونه.

  ولِمَ أمر الله تعالى محمَّداً ÷ أن ينذر عشيرته الأقربين أبا لهب وغيره من أهل بيته، وقد أنزل الله عليه فيه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}⁣[المسد: ١ - ٣] فلم دعاه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وقد


(١) في (ب): ممَّن.

(٢) من (ب).

(٣) في (ب): أن في أصلاب.

(٤) من (ب)، وفي (أ): عليّ.