الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[اطلاعه ÷ عليا # على بعض المغيبات، وذكر جملة من ذلك]

صفحة 222 - الجزء 1

  وأمَّا أن يعلمهم ما يكون وما هو كائن فلم يكن ذلك عليه ~ وَآلِهِ واجباً؛ لأنه لو كان ذلك واجباً عليه لما ترك أن يعلم أهل المدينة بذلك رجلاً رجلاً، وأهل مكة رجلاً رجلاً، ثم يخرج إلى المدائن والقرى والآفاق، والمشرق والمغرب، ويأتي إلى الإمرأة في خدرها، وإلى الأعرابي في بدوه⁣(⁣١)، وإلى الرَّاعي في مرعاه، فيعلمهم جميعاً، فيكون الله تعالى قد ألزمه ما لا يطيق.

  وَلَمَا قبضه الله حتى يعلم⁣(⁣٢) الأولين والآخرين حتى يساوي بينهم في العلم، وهذا ما لا يكون.

  وقد أخبرنا الله ø(⁣٣) أن العلماء بعضهم أعلم من بعض حيث يقول: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}⁣[يوسف: ٧٦].

  وليس ما علَّمَه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عليّاً من العلم الذي لا يوجد علمه إلا عند عليّ بنقص على رسول الله ÷، ولا خيانة، ولا تفريط؛ لأنه عائد نفع ذلك على الأمَّة؛ لأنها محتاجة إلى إمام يقوم لها بدينها، وشاهد ذلك قول رسول الله ÷: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»، وقول الله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}⁣[يونس: ٥٣].

  وقد علمت الأمَّة أن جميع أصحاب محمد ÷ كانوا يحتاجون إلى عليّ # في جميع النوازل والحوادث، ويسألونه عما لا يعلمون، فهذا يوجب أن الناس في العلم بعضهم أرفع من بعض.

  فإن أنكروا ذلك؛ فقل لهم: فَلِم روى الآخر عن الأول؟


(١) في (ب): بلده.

(٢) في (ب): وقد علَّم.

(٣) في (ب): وقد أخبر الله تعالى.