[إخباره # بما يجري من أمر الخوارج، وطلبه لذي الثدية]
  فلما دنوا من قنطرة النهروان التي كانت من ورائها الوقعة خفق(١) أمير المؤمنين عند زوال الشمس فأتاه قنبر | يؤذنه بالصلاة، فانتبه فقال له: (ائتني بشيء من ماءٍ).
  فقعد فتوضأ وأقبل فارس يركض فقال: قد والله يا أمير المؤمنين عَبر القوم القنطرة، قال: (كذبت والله ما عَبر القوم قنطرة، ولا يعبرونها، ولا يقتلون منا عشرة، ولا يفلت(٢) منهم عشرة).
  فلما سمع جندب مقالة أمير المؤمنين قال: الله أكبر هذه والله علامة قد أعطانيها.
  ثم أقبل فارس آخر يركض [بفرسه](٣) فقال: والله يا أمير المؤمنين قد كاد القوم يعبروا. قال: (صدقت). ثم صلَّى بالناس الظهر وتوجه بمن معه من الناس نحو القنطرة.
  قال جندب: والله لا يصل إلى القنطرة قبلي أحد من الناس. وكان تحته فرس جواد فركضه حتى أتى القنطرة ورجال القوم وراء القنطرة، وكان جندب أول من رمى ١ بسهمه فيهم، وأول من طَعن برمحه وضرب بسيفه.
  فلما أن قتلهم علي قال: (اطلبوا [لي(٤)] ذا الثدية).
  فطلبوه فلم يصيبوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما أصبناه.
  فقال: (اطلبوه؛ فوالله ما كَذَبت ولا كُذِّبت، ولا ضللت ولا ضُلَّ بي، وإنِّي لعلَى بيِّنة من ربِّي بيَّنها لنبيئه فبيَّنها لي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ).
  ثم توجه هو بنفسه مع أصحابه حتى أتى إلى ساقية فإذا فيها قتلى كثير - لا رحمهم الله - بعضهم على بعض فقال: (اقلبوهم). فاستخرجوه من تحتهم، فقال: (هذا هو).
(١) وفي حاشية (أ): معنى الخفقة: هو النعس الخفيف، وهو أسرع للانتباه، ويكون هو نوم القيلولة.
(٢) في (ب): ولا يقتل.
(٣) من (ب)، وفي (أ): فرسه.
(٤) زيادة من نخ (ب).