الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[شبهات وردود]

صفحة 263 - الجزء 1

  وقل لهم أيضاً: ما باله ~ وَعَلَىَ آلِهِ إن كان الأمر على ما قالوا أنه قال: «ما تركناه صدقة» لم يعهد إلى فاطمة & إذ لا تطلب ما ليس لها (وما هو)⁣(⁣١) صدقة لغيرها!؟

  وما باله أيضاً لم يعهد إلى علي بن أبي طالب، وإلى الحسن والحسين $، وإلى أم أيمن، أن لا يشهدوا لفاطمة & بأن ما ترك صدقة إن كان أشهد عمر وأبا عبيدة دُون المهاجرين والأنصار؟!.

  وأعظم من هذا كله: أنهم شهدوا على رسول الله ÷ بخلاف قول الله تبارك وتعالى؛ زعموا أن رسول الله ÷ قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»، والله تعالى يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}⁣[النمل: ١٦].

  وقال أيضاً في زكريا: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}⁣[مريم: ٥ - ٦].

  فإن قالوا: إنما ورث سلميان داود النبوَّة والعلم، وكذلك ورث يحيى بن زكريا النبوة والعلم.

  فقل: إن النبوَّة والعلم ليسا بدنانير، ولا بدراهم، ولا بدُوْر، ولا بحيطان، تُوْرَثُ وتقسم، وليست بأموالٍ اكتسبوها؛ إنما النبوَّة والعلم لله تبارك وتعالى، يصطفي الله بهما من يشاء من عباده؛ فهو أعلم حيث يجعل رسالاته، ومن يحبو بنبوَّته، ومن يُؤتي حكمته، مع أن داود وسيلمان @ قد كانا في عصر واحد نبيئَين، وعالمين حاكمين، وذلك قوله تبارك وتعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}⁣[الأنبياء: ٧٨] الآية {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}⁣[الأنبياء: ٧٩].

  ثم قال: {وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}⁣[الأنبياء: ٧٩]، فإذا كان سليمان قد آتاه الله النبوة والحكم والعلم في حياة داود فما الذي ورث من داود غير ماله؟!.


(١) نخ (أ): وهو.