الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[جوابات على بعض مسائل متفرقة]

صفحة 264 - الجزء 1

  وأما القول في زكريا # إذ يقول: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}⁣[مريم: ٥ - ٦]، فوهب الله له يحيى.

  فزعمت الخوارج: أن يحيى ورث نبوة زكريا وعلمه، وقد سأل زكريا ربَّه أن يرثه ويرث من آل يعقوب؛ فدعوة الأنبياء مُجَابَة.

  وقد قال الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}⁣[الأنبياء: ٩٠]؛ فما الذي ورث يحيى من آل يعقوب: أنبوتهم، أم غير نبوتهم؟!.

  فقل لهم: كيف خاف زكريا الموالي من ورائه أن يرثوه النبوة والعلم، والنبوَّة والعلم ليسا في يده فيرثها مواليه وبنو عمه؛ إنما هما إلى الله يصطفي لهما من يشاء من عباده؟!.

[جوابات على بعض مسائل متفرقة]

  وأمَّا ما احتجت به الخوارج من مخاطبة حوشب ذي ظليم لعلي بن أبي طالب وسؤاله إياه أن يمسك عن الحرب، ويُصَيِّرُ لهم الشام، ويُصَيِّرُوْنَ له العراق، وجواب عليٍّ # إياه بالكراهة لذلك دون القتال والطاعة، وذلك - زعموا - قبل صِفِّين بأيام، فلم يلبثوا إلا بضعة عشر يوماً حتى افترقوا عن سبعين ألف قتيل.

  والحجة على الخوارج في ذلك من الوجهين جميعاً؛ إن كانوا قاتلوا مع علي بن أبي طالب على غير الحق، وقتلوا أصحاب معاوية بغياً وظلماً وعدواناً.

  فقل لهم: ماذا أعدوا لله تعالى من الجواب إذا سألهم عن قتل من قتلوا ظلماً وعدواناً؟

  وإن كانوا قاتلوا معه على حق فإلى أنفسهم أحسنوا؛ إذ أمرهم الله بأمره فأطاعوه والمنَّة لعليٍّ عليهم في ذلك، فما معنى احتجاجهم في حوشب ذي ظليم؟!.