الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[في النهي عن الاختلاف، وبطلان حديث: «أصحابي كالنجوم»]

صفحة 34 - الجزء 1

  بالخروج معه وهو في سكرات الموت⁣(⁣١)!، وكان آخر قوله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ: «أنفذوا جيش أسامة»⁣(⁣٢).

  ففي هذا بيان لمن فهم وعقل، وأنه لا بُدَّ للجيش من أمير ينفذه؛ لأنه لم يقل «أنفذوا» إلا لِمُنفِّذ يأمر بإنفاذ ما أُمِر به.

[في النهي عن الاختلاف، وبطلان حديث: «أصحابي كالنجوم»]

  وقد زعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن رسول الله ÷ ترك الوصية التي افترض الله عليه، وترك إقامة ولي الأمر الذي أمر الله الخلق برد ما اختلفوا فيه إليه الذي يستنبط العلم من عنده.

  وزعموا أنه ترك الأُمَّة حيارى يعمهون بلا دليل، لا يعلمون حلال نازلةٍ من حرامها من بعده حتى اضطرهم ذلك إلى إكذاب قوله الذي عقدت عليه قلوبهم، وأفصحت به ألسنتهم؛ إذ يقول تبارك وتعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٣٨]، وفيه تبيان لكل شيء.

  فأقاموا أضداداً وأنداداً لله ولرسوله، يفزعون إليهم في هذا كله، على أنهم متفرقون بأقاويلهم⁣(⁣٣)، مستحسنون لآرائهم، مختلفون بأهوائهم، فصار هذا يُحل نازلة يُحرمها هذا، ويُحل هذا فرجاً يُحرمه هذا، ويُحل هذا دماً يُحرمه هذا، ويُحل هذا ما لا يُحرمه هذا


(١) نص على ذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ١/ ١٥٩، تاريخ الطبري: ٣/ ١٨٦، تاريخ ابن عساكر - في ترجمة أُسامة -: ٢/ ٣٩١، طبقات ابن سعد: ٢/ ٤١، حياة محمد ÷ لـ: محمد حسنين هيكل: ٤٨٣، سيرة ابن هشام: ٢/ ٦٥٠، كنز العمال للمتقي الهندي: ٥/ ٣١٢، تاريخ اليعقوبي: ٣/ ٩٣، تاريخ خميس: ٢/ ١٧٢، أنظر بحار الأنوار: ٣٠/ ٤٢٨.

(٢) طبقات ابن سعد: ٢/ ١٩٠ - ١٩٢. معالم المدرستين: ١٤٧.

(٣) (ب، ج): متصرفون بأقاويلهم.