الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[في النهي عن الاختلاف، وبطلان حديث: «أصحابي كالنجوم»]

صفحة 36 - الجزء 1

  ثم رووا عن رسول الله ÷ الروايات الزُّور، وأحاديث الفجور، بالمدخول عليهم فيها؛ لتقوم بذلك رياستهم؛ فزعموا أن رسول الله - عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ - أمر بما نهى الله عنه، وذلك أن الله ø نهى عن الاختلاف.

  وزعموا أن رسول الله ÷ أمر به؛ إذ قال - زعموا -: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»⁣(⁣١).

  فزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أنه من أخذ برأي واحد منهم فقد أصاب وإن اختلفوا.

  فإذا كان الأمر على هذا القول لا حق ولا باطل، إذا كان كذلك لم يُعرف المأمور به من المنهي عنه، ولا المعمول به من المتروك، فتركوا قول من أرادوا من أصحابه، وأخذوا بقول من أرادوا، وقالوا: هذا يُعمل به، وهذا لا يُعمل به. فصاروا هم الحُكَّام على من أُمِرُوا بالاقتداء به، وذلك أن أبا بكر وهو - زعموا عندهم - خير هذه الأُمَّة بعد نبيها، صَيَّر الجَدّ أباً، وصيَّره زيد أخاً، فأخذوا برأي زيد، وتركوا قول أبي بكر. وقد رووا أن النبي - عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ - قال: «أفرَضَكم زيد».


(٥) محمد بن الحسن بن واقد الشيباني، ولد بواسط سنة ١٣١ هـ، توفي سنة ١٨٩ هـ، نشأ بالكوفة، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة. قدم بغداد وولاه الرشيد القضاء، وله مواقف عظيمة منها: أن الرشيد لما عزم على نقض أمان يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن جمع القضاة واستشارهم في ذلك، فقال محمد بن الحسن: هذا أمان لا سبيل إلى نقضه، ولو أُلجئتُ أن أكتب مثله ما أحسنت، فمن نقضه فعليه لعنة الله. فسمعه الرشيد فأخذ الدواة وحذفه بها فشَجَّه، فانصرف إلى منزله وهو يبكي فقال له صاحبه: أتبكي من شجة في سبيل الله؟ قال: لا والله؛ ولكني أخاف أن أكون قصرت في أمر يحيى فأكون قد شَرَّكتُ في دمه. قال الدامغاني: كان محمد بن الحسن يقول: إذا أمنتُ من أعداء زيد بن علي على نفسي فأنا على مذهبه، وإلا فأنا على مذهب أبي حنيفة.

(١) حكم كثير من المحدثين بأن هذا الحديث موضوع، فقال أحمد بن حنبل: هذا الحديث لا يصح. وقال ابن عبد البَّر: إسناده لا تقوم به حُجَّة. وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة. وقال الألباني: موضوع. أنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم ٥٨.