[وجوب الوصية، والرد على من زعم أن الرسول ÷ لم يستخلف]
  وقد قال أبو بكر: أقيلوني بيعتي.
  فقالوا لا نقيلك ولا نستقيلك(١).
  وقال عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه(٢).
  فكل هذا دليل على أن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ لم يستخلف أبا بكر.
  فإن قالوا: لا يستقيم أن يكون الخلق هملاً، ولا بد لهم من خليفة يقيم صلاتهم، ويؤدون إليه زكاتهم، ويُنفِذ أحكامهم، وينصف مظلومهم من ظالمهم، ويقيم جُمَعهم(٣).
  فقل لهم: فأي طعن أكثر على الله تعالى وعلى رسوله من طعنكم؛ إذ زعمتم أن رسول الله ÷ ترك هذا الخلق هملاً؛ إذ ترك أمراً لا يقوم الدين إلا به؟!.
  وقل لهم: أي الفعلين أصلح: فعال محمَّد ÷ إذ لم يستخلف، أو فعالكم إذ استخلفتم؟
  فإن قالوا: بل فعال محمَّد.
  فقل لهم: فقد كان ينبغي لكم أن تقتدوا به ~ وَآلِهِ كما أمركم الله ø. وإن كان فعالهم خيراً قد نسبوه إلى التقصير؛ إذ ترك ما هو خير للأُمَّة وحاشاه ÷ من التقصير في دين الله.
= وفيه: «فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ألا وإني مستنقذ رجالاً وإناثاً آخرون فأقول: يا ربِّ؛ أصحابي!. فيقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
(١) تفسير القرطبي: ١/ ٢٧٢ و ٧/ ١٧٢، كشاف القناع لابن إدريس: ٦/ ١٦٠.
(٢) صحيح البخاري: كتاب الحدود، ح/٦٣٢٨، مسند أحمد - مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة - ح/٢٦٨.
(٣) قال رسول الله ÷: «أربعة إلى الولاة: الجمعة، والحدود، والفيء، والصدقات»، أنظر البحر الزخار للمرتضى.