الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الأدلة على إثبات الوصية وفضل أهل البيت $]

صفحة 56 - الجزء 1

  فكان يدعو كل عشرة على قصعة، ثم كان إذا فرغوا استأنسوا بحديثه⁣(⁣١)، وأحبوا النظر إلى وجهه، وكان رسول الله ÷ يحبُّ أن يخففوا عنه ويخلو مع أهله، وكان حديث عهد بالعرس، وأراد أن يؤدِّب المؤمنين، فلما علم الله ذلك من نبيه أنزل الله قرآناً في ذلك أدباً للمؤمنين وذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ}⁣[الأحزاب: ٥٣].

  قال ابن عباس: فلما نزلت هذه الآية إذا أكلوا قالوا: الحمد لله المطعم المنعم. ثم مضوا ولم ينتظروا الخِرَق ليمسحوا بها أيديهم.

  فمكث النبي ÷ بعد ذلك أسبوعاً ثم تحول بعد ذلك إلى بيت أم سَلمة بنت أبي أميَّة⁣(⁣٢)، وكانت مع رسول الله ÷ ليلتها ويومها؛ حتى تعالى النهار، وأن عليّاً أتى الباب فدقه دقاً خفيفاً، فعرَفَه رسول الله ÷، وأنكرته أم سَلمة، فقال النبي: «قومي يا أم سلمة فافتحي الباب».


= تزويجها {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}⁣[الأحزاب: ٤٠]؛ لأن المنافقين قالوا: حرم محمَّد نساء الولد وقد تزوج امرأة ابنه. اهـ.

(١) في (ب): لحديثه.

(٢) أم سلمة، زوج النبي ÷، هي هند بنت أبي أمية المعروف بزاد الراكب، أحد أجواد قريش. وقد قيل أن اسمها رملة، والصواب هند، توفيت سنة ٥٩ هـ، وقيل سنة ٦٢ هـ بعد مقتل الحسين #، وعرفت قتله قبل وصول الخبر بتحول التربة دماً، وهي التي أعطاها رسول الله ÷ وأخبرها بذلك. ودفنت بالبقيع رضوان الله عليها وهي آخر أمهات المؤمنين موتاً. وكانت من العالمات الطيبات الطاهرات شديدة الولاء لأمير المؤمنين # وأهل البيت، نهت عائشة عن الخروج وذكَّرتها بما سمعته من النبي ÷ في أمير المؤمنين #، وأخرجت ولدها عمر للجهاد معه. لها ثلاثمائة وثمانية وسبعون حديثاً. روى عنها ولداها عمر وزينب ومولاها نافع وابن أبي مليكة والشعبي وغيرهم.