[الميزان]
  جمهور أئمتنا $: والميزان المراد به الحق من إقامة العدل والإنصاف.
  المهدي وغيره: بل هو على حقيقته.
= لنقص الدرجات وزيادتها التي قد تسبب لها الصغائر. قيل له: موضوع الموازنة في القرآن خلاف ذلك؛ لأنَّه يقول: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ٨ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ٩}[القارعة]، وقوله: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٢ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ١٠٣}[المؤمنون]. فحكم بدخول النار على من خفت موازينه، وهذا يناقض قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ...} الخ [النساء: ٣١]، ويثبت أن الموازنة ليست في زيادة الدرجات ونقصانها، بل في دخول النار لمن خفت موازينه، والنجاة منها لمن ثقلت. فإن قيل: فيلزمكم في التوبة. قيل له: لا يلزمنا ذلك؛ لأنَّ التوبة هي الندم، والعزم على أن لا يعود أبداً، فهي عبارة عن دعوة إلى ترك المعاصي طيلة عمر التائب، وإن لم يعزم على الإقلاع عن المعاصي فليست التوبة بصحيحة. وأما الموازنة فهي دعاء إلى فعل الكبائر مدة عمره. هذا وأما مخالفتها للنصوص؛ فلأنَّ النصوص التي قد أسلفناها تدل على استحقاق صاحب الكبيرة الخلود في النار إن لم يتب، وأن الأعمال بخواتمها، ويدل عليه أن إبليس - لعنه الله - قد كان عبد الله ستة آلاف سنة فأحبطها الله بمعصية واحدة، وأن الكافر إذا أسلم، ولو كان كافراً مائة سنة أن الشهادة تمحو كل ما قد أجرم، ويدل عليه قوله ÷: «سلوا الله السداد، فإن الرجل قد يعمل الدهر الطويل على الجادة من جواد الجنة فبينا هو كذلك دؤوباً إذ انبرت له الجادة من جواد النار فيعمل عليها، ويتوجه إليها، فلا يزال دؤوباً دؤوباً حتى يختم له بها فيكون من أهلها ...»، إلخ، وقوله ÷: «لو أنَّ عبدًا قام ليلَهُ، وصام نهارَهُ، وأَنفقَ مالَهُ في سبيل الله عَلْقًا علقًا، وعَبَدَ اللَّهَ بين الرُّكْنِ والمقام، ثم يكون آخر ذلك أن يُذْبَحَ بين الركن والمقام مظلومًا لَمَا صَعَدَ إلى الله من عمله وزنُ ذرةٍ حتى يُظْهِرَ المحبةَ لأولياء الله، والعداوةَ لأعداء الله». وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧]، فدل الحديث والآية أن الطاعة لا تقبل مع المعصية، فكيف تكون الموازنة بينها وبين المعصية وهي غير مقبولة؟!.وقوله: «لا صلاة إلا بزكاة» وهذه الأدلة الأخيرة تبطل أقوال من جعلها حقيقة مع ما قدمنا. فلم يبق إلا أن نؤوله بالعدل؛ لأنَّ الوزن في الدنيا غاية العدل، فكنى الله تعالى عن عدله بذلك، ويؤيده قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} فالحق هو الوزن، والوزن هو الحق. ولا يمكن أن يكون وزنا آخر لا يعرفه العباد؛ لأنَّ القصد بالوزن إظهار العدالة، ولا تظهر إلا بشيء يعرفه العباد، حتى يعرفوا أن الله لم يظلم أهل النار، وأنه لم يدخل الجنة إلا من يستحقها، ولا يكون ذلك إلا بشيء واضح بَيِّنٍ يعرفه الناس، هذا وقد مر إبطال الإرجاء بما لا مزيد عليه، وبما لا يبقى معه أدنى شك أو شبهة، فلا نحتاج إلى إعادة.