فصل
  قلنا: الماهية ما يتصور في الذهن، وقد امتنع أن يتصوره الخلق حيث لم يتمكنوا إلا من تصور المخلوقات اتفاقاً بيننا وبينهم.
  وعلم الله(١) تعالى ليس بتصور اتفاقاً كذلك، فإن أرادوا بذلك ذاتاً لا يحيط بها المخلوق علماً فصحيح.
  أبو هاشم –مُقْسِماً -: إنه ما يعلم الله سبحانه من ذاته إلا مثل ما يعلم هو.
  قلنا: قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١١٠]، والله سبحانه قد أحاط بكل شيء علماً بمعنى: لا يغيب شيء عن علمه، لا كإحاطة الأسوار.
فصل
  أئمتنا $ وبعض المعتزلة(٢): وكون الله عالماً بما سيكون وقادراً على ما سيكون لا يحتاج إلى ثبوت ذات ذلك المعلوم والمقدور في الأزل.
  بعض صفوة الشيعة، وبعض المعتزلة(٣): بل يجب ثبوتها؛ ليصح تعلق العلم والقدرة بها؛ إذ لو لم تكن ثابتة لم يكن تعالى عالماً ولا قادراً.
  قلنا: يستلزم الحاجة، وقد مر بطلانها، فيلزم بطلان ما يستلزمها، ولا فرق أيضاً بين الثبوت والوجود في العربية؛ فلو كان لفظ ثابت يطلق عليها في الأزل حقيقة كما زعموا لكان لفظ موجود كذلك، ولكانت لا أول لوجودها، وبطلان ذلك متفق عليه.
  وأيضاً علم الله تعالى متعلق بصفة ما سيكون الوجودية، فلو كان يوجب الثبوت لزم أن يكون ما سيكون موجوداً في الأزل؛ لثبوت صفته الوجودية؛
(١) أي علمنا بالله سبحانه وتعالى. تمت من كتاب عدة الأكياس
(٢) كأبي الهذيل وأبي الحسين البصري ومحمود بن الملاحمي وأبي القاسم بن شبيب.
(٣) كأبي هاشم وأبي عبدالله البصري وقاضي القضاة وغيرهم.