[معنى الغشاوة والوقر والحجاب]
  قلنا: أمرهم ونهاهم عكس من لم يعقل نحو المجانين، إذ خطاب من لم يعقل صفة نقص، والله سبحانه يتعالى عنها.
  بعض العدلية: ويجوز بمعنى: جعل علامة.
  وفيه نظر؛ لأنها إن كانت للحفظة $، فأعمال الكفار أوضح منها، مع أنهم $ لا يرون ما واراه اللباس من العورة، كما ورد أنهم يصرفون أبصارهم عند قضاء الحاجة، فبالأحرى أنهم لا يرون القلب. والله تعالى غني عنها؛ لأنه عالم الغيب والشهادة قال تعالى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}[سبأ: ٣].
  فالتحقيق أنه عبارة عن سلب الله تعالى إياهم تنوير القلوب الزائد على العقل الكافي؛ لأن من أطاع الله تعالى نور الله قلبه، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن: ١١] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد: ١٧] وقال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال: ٢٩] أي: تنويراً كما مر، ومن عصى الله سبحانه لم يمده بشيء من ذلك ما دام مصرّاً على عصيانه، فشبه الله سبحانه سلبه إياهم ذلك التنويرَ بالختم والطبع.
[معنى الغشاوة والوقر والحجاب]
  وأما قوله تعالى: {وعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة: ٧] وقوله تعالى حاكياً: {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت: ٥] فتشبيه لحالهم - حيث لم يعملوا بمقتضى ما سمعوا وأبصروا، ولا بنصيحة الرسول ÷ - بمن في أذنيه وقر فلا يسمع من دعاه، وعلى بصره غشاوة فلا يبصر شيئاً، وبمن بينه وبين الناصح حجاب لا تبلغ إليه نصيحته مع ذلك الحجاب.
[معنى التزيين]
  والتزيين: التحسين.
  العدلية: والله تعالى لا يزين المعاصي، خلافاً للمجبرة.