[بحث مفيد في مسائل الخلاف الأصولية]
  الصراط في القرآن فهو مجاز عندهم، وكذا العرش إذا ذُكر معه الاستواء.
  هذا وقد يُشْكِل على بعض الطلبة مسألتان:
  أحدهما: قول بعض أصحابنا أن مقدور بين قادرين محال.
  الثانية: قول بعضهم أن العقل العلوم العشرة.
  أما الأولى: فليس المراد أنه لا يمكن اشتراك اثنين أو أكثر في حمل شيء، أو وضعه، أو تحويله من مكان إلى مكان، أو نحو ذلك، بل المراد أنه لا يمكن أن يكون الفعل كله لزيد، ويكون كله لعمر؛ لأنه إذا كان لزيد فليس لعمر، والعكس، وهذا جواب على من قال: إن أفعال العبيد من الله، فاحتج عليهم أصحابنا بأدلة منها:
  أن الله نسب أفعال العبيد إليهم في عدة مواضع من القرآن، فأجابوا علينا بأنها من الله ومنا، فأجاب عليهم بعض أصحابنا بأن مقدوراً بين قادرين محال أي على ما شرحنا سابقاً، وأنه لو أمكن أن تتعلق قدرتهما به وجوداً لأمكن أن تتعلقا به وجوداً وعدما، بأن يريد أحدهما وجوده، ويريد الآخر أن لا يوجد، فيكون موجوداً معدوماً في حالة واحدة، وهذا محال واضح.
  الثانية: قول بعضهم: إن العقل مجموع العلوم العشرة، وليس المراد أنها هي نفس العقل، بل المراد أنها علامة له، فمن كملت فيه فقد كمل عقله، لكن يرد عليهم أنه لا يحتاج إلى هذا التعداد؛ لأنهم يقولون: لا يعرف الثاني إلا من عرف الأول، ولا يعرف الثالث إلا من عرف الأولين، وهكذا إلى العاشر، فكان يكفيهم أن يذكروا العاشر فقط، ولا يحتاج إلى التسعة، ولعلهم يريدون تبيين مقدار التمييز، والله أعلم. وقد أوضحنا هذه الإشكالات التي قد تشتبه على بعض الطلبة، ويضطربون فيها، وربما يتوهم بعضهم أن ثمة خلافاً في الأصول وليس كذلك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.