فصل [في معرفة الدليل]
  ويعرف كونه شبهة: بإبطاله بقاطعٍ في القطعيات والظنيات معاً، أو ظنيٍّ يستلزمه الخصم، أو يدل على صحة كونه دليلاً قاطعٌ في الظنيات، لا بغيرهما.
  فإن كان المبْطَلُ به مانعاً لكون المبطَل حجةً ولم يتضمن الإثباتَ لخلاف ما ادعاه الخصم: تعين كونه شبهة، لا ثبوتُ خلاف ما ادعاه الخصم، إلا أن يكونا في طرفي نقيض إذا بطل أحدهما ثبت الآخر.
  وإن تضمن إثباتَ خلافه تعين كونه شبهة، وتعين خلافُه.
  أئمتنا $ والجمهور: ويصح الاستدلال على ثبوت الباري تعالى بالآيات المثيرة لدفائن العقول، وهي زهاء خمسمائة آية.
  أبو رشيد(١)، وبعض متأخري صفوة الشيعة: يصح بالقطعي من السمع مطلقاً.
  الإمامية(٢) والبكرية(٣)، وبعض المحدثين: وبالظني مطلقاً.
  أبو هاشم(٤): لا يصح بالجميع مطلقاً.
  قلنا: ذلك دليل على أقوى طرق الفكر الموصل إلى العلم بالمطلوب حيث
(١) هو أبو رشيد سعيد بن محمد النيسابوري من أصحاب قاضي القضاة، وإليه انتهت الرئاسة في المعتزلة بعد قاضي القضاة، وكان بغدادي المذهب، انتقل إلى الري وتوفي بها، وكان قاضي القضاة يخاطبه بالشيخ، ولا يخاطب به أحداً غيره، وله مؤلفات منها: ديوان الأصول، وغيره. ح صفوة الاختيار.
(٢) وسميت الإمامية بذلك؛ لجعلها أمور الدين كلها إلى الإمام، وأنه كالنبي، ولا يخلو وقت من إمام؛ إذ يحتاج إليه في أمور الدين والدنيا، وسمو رافضة؛ لرفضهم إمامة زيد بن علي #. الملل والنحل للمهدي #.
(٣) البكرية: أحد فرق المجبرة، أصحاب بكر بن عبدالواحد، اختصوا بالقول بأن الطفل لا يتألم، وأن إمامة أبي بكر منصوصة نصاً جلياً. ح صفوة الاختيار.
(٤) أبو هاشم، عبدالسلام بن محمد بن سَلَام –مخففاً - بن خالد بن أبان بن حمران الجبائي المعتزلي، قال ابن خلكان: هو الإمام في مذهب الاعتزال المتكلم بن المتكلم العالم بن العالم، ولادته سنة ٢٤٦ هـ وتوفي يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من شعبان سنة ٣٢١ هـ ببغداد ودفن في مغار البستان، وهو من أشهر علماء المعتزلة ومتكلميهم. مقدمة الأزهار، وفيات الأعيان.