فصل [في إثبات صفات الله سبحانه]
  قالوا: تعلقت القدرة بالحجارة للعمارة، والحجارة موجودة.
  قلنا: الحجارة من جملة آلة العمارة، فتعلق القدرة بالعمارة إنما كان حال عدمها بواسطة الآلة.
  قالوا: العمارة هي نفس الحجارة، وإنما كانت كامنة في نفسها.
  قلنا: هذا هو المحال؛ لأن كون الشيء كامناً في نفسه لا يعقل.
فرع [في ذكر الصفات]
  جمهور أئمتنا $ والجمهور: وصفات العالَم توصف بأنها محدثة.
  الأمورية(١): الصفات لا توصف رأساً؛ لما يلزم من التسلسل(٢)، أو التحكم(٣) حيث اقتصر على وصفها دون وصف وصفها.
  والجواب والله الموفق: أنه قد صح حدوثها؛ لكونها لم تتقدم موصوفَها المحدث، فصح وصفها بأنها محدثة؛ إذ ذلك دليل لا ينكر فلا تحكم.
  ووصفها: هو القول بأنها محدثة، وكل قولٍ محدثٌ، فإن قيل فيه؛ بأنه محدث، فذلك وصف له محدث، وإن لم يُقَلْ: إنه محدث؛ فلا وصف له حينئذ، فلا يتسلسل.
  والتحقيق أن ذلك فرار منهم كي لا يوصف ما ادعوه من الأمور الزائدة على ذاته تعالى التي هي صفاته بزعمهم، ثم لاذوا بهذا ودفعوا به من ألزمهم وصفها بالقدم أو الحدوث، وقد تبين لك بحمد الله بطلانه.
فصل [في إثبات صفات الله سبحانه]
  ولا بد أن يكون المحدِث للعالَم:
  موجوداً؛ إذ لا تأثير للعدم.
(١) هم القائلون بأن الصفات أمور زائدة على الذات.
(٢) التسلسل حيث وصفناها فيؤدي إلى وصف وصفها وتسلسل إلى ما لا نهاية.
(٣) التحكم هو إثبات حكم من غير دليل.