فصل [والعالم محدث]
  ليس الأول؛ لأن العدم لا تأثير له.
  ولا الثاني؛ لأن تأثير العلة تأثير إيجاب بزعمهم، فلو كان كذلك لوجب أن تكون السماء أرضاً والعكس، والسفلى من السماوات عليا والعكس؛ إذ ما جعل إحداهما أرضاً والأخرى سماء ونحو ذلك بأولى من العكس؛ لعدم الاختيار، فثبت أنه لفاعل، ولزم تقدمه ضرورةَ عدمِ اختياره، وعدمِ صحة كونه فاعلاً لولا تقدمه.
  - وأيضاً هما كالمبنيات؛ إذ لم تكن صحة الزيادة والنقصان، والتحويل والتبديل، والجمع والتفريق في المبنيات إلا لأجل أنها محدثة، والفارق معدوم.
  - وأما غيرهما مما ذكره الله تعالى في سياق الآية فحدوثه مدرَك ضرورة.
  فحدوث العالم لا يخلو إما أن يكون لفاعل أو لغيره، أو لا لفاعل ولا لغيره.
  ليس الثالث؛ لأن تأثيراً لا مؤثر له محال، وبذا يعرف بطلان قول عوام الملحدة: الدجاجة والبيضة محدثتان ولا محدث لهما، وقول ثمامة(١): «المتولد محدَثٌ لا مُحدِث له».
  وإلا لزم أن يوجد بناء بلا بان، وهو محال.
  ولا الثاني؛ إذ لا تأثير لغير الفاعل كما تقدم في فصل المؤثرات.
  فثبت أنه لفاعل.
  قالوا: تعلق القدرة به حال عدمه محال.
  قلنا: بل محال أن تتعلق القدرة بالموجود، وإنما تتعلق بالمعدوم لتحصيله؛ لأن المعدوم لو كان حاصلاً عند تعلق القدرة لتحصيله لأغنى ذلك عن تعلق القدرة به.
(١) ثمامة بن الأشرس أبو معمر النميري البصري، ذكره المهدي # في أول الطبقة السابعة، قال الذهبي في الميزان: من كبار المعتزلة ومن رؤوس الضلالة ... إلخ ما ذكره على عادته من وصم رجال العدل. تمت من حواشي الإصباح على المصباح.