الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

فصل والله سميع بصير

صفحة 45 - الجزء 1

  قلنا: السميع: حقيقة لغوية مستعملة لمن يصح أن يدرك المسموع بمعنىً محله الصّماخ⁣(⁣١).

  والبصير: حقيقة كذلك لمن يصح أن يدرك المبصر بمعنى محله الحدق⁣(⁣٢).

  والله سبحانه ليس كذلك؛ فلم يبق إلا أنهما بمعنى عالم، وقد قال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}⁣[الزخرف: ٨٠]، والسر: إضمار في القلب غير صوت، قال الله تعالى: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ}⁣[يوسف: ٧٧].

  قالوا: بل هما حقيقة كذلك لمن يصح أن يدرك المسموع والمبْصَرَ بالحياة⁣(⁣٣).

  قلنا: الأعمى والأصم حيان، ولا يدركان المسموع والمبصر.

  قالوا: إنما لم يدركا لمانع وهو الآفة.

  قلنا: تلك الآفة هي سلب ذلك المعنى، وإلا لزم أن لا يدرك المأيوف بغير سلبه كالأرمد.

  وإن سلم لزم أن يرى الأعمى ويسمع الأصم بأي عضو من جسديهما؛


= سميع بصير. والذي يظهر أن الذي يدل على كونه مُدْرِكاً للمدرَكات التي تُدرَك بالحواس الخمس خلقه لها متنوعات تنوعاً كثيراً، وخلقه لنا الآلات التي ندركها بها ونميز بين مختلفاتها بها، وإدراكه لها علمه بها؛ لأنَّ الإحساس ممتنع عليه. هذا وإدراكه للمحسوسات، والملموسات، والمطعومات، والمشمومات كلها بمعنى العلم، ويقال له: مُدْرِكٌ حقيقة؛ لأنَّ من يعلم المدرَكات يقال له: مُدْرِكٌ حقيقة، ويقال له: سميع بصير مجازاً، ولا يطلق عليه لامس، ولا طاعم، ولا شامّ؛ لأنَّه لا يصح أن يطلق عليه من المجاز إلا ما أطلقه على نفسه، وقد سمى نفسه سميعاً بصيراً، فيجوز أن نسميه بهما لا غير، وإن كانا بمعنى عالم؛ لأنَّه لا يجوز أن نطلق على الله من الأسماء إلا ما تضمن مدحاً لقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}⁣[الأعراف: ١٨٠]، ولأنه يلزم التشبيه في لامس، وطاعم، وشامّ، بخلاف سميع، بصير، فهما أبعد عن التشبيه ... إلخ كلامه حفظه الله.

(١) ثقب الأذن.

(٢) سواد العين.

(٣) سواء في حقنا أو في حق الله تعالى.