فرع والله سامع مبصر
  لوجود الحياة في ذلك العضو وسلامته من الآفة.
  قالوا: يلزم شيئان؛ الأول: أن يوجد المعنى ويعدم المدرَك، ويُدرَك في حال عدمه؛ لوجود المعنى.
  والثاني: أن يعدم المعنى ويوجد المدرَك ولا يدرك؛ لعدم المعنى.
  قلنا: لم جعلتم الأول لازماً لنا؟ فيلزمكم أن يعدم المدرك ويدرَك في حال عدمه؛ لوجود الحياة والسلامة من الآفة؛ إذ لا فرق، ولا نلتزمه لعدم تعلقه بالمدرَك في حال عدمه.
  وأما الثاني فملتَزَمٌ لا يقدح، نحو وجود المدرَك عند الأعمى والأصم وعدم إدراكهما؛ لعدم المعنى، وأنتم إذ جعلتموه قادحاً فيلزمكم أن يدرك لوجوده في حال عدم الحياة إذ لا فرق؛ فالجماد عندكم سميع بصير.
  قالوا: قد وجدنا الفرق بين العلم والإدراك بالسمع والبصر كلو فتح أحدنا عينه وأمامه شيء مرئي ثم غمض، وأجلى الأمور ما وجدنا من النفس.
  قلنا: إنا لا ننفي إدراكه تعالى للمدرَكات، لكن يدركها بذاته كما يأتي إن شاء الله تعالى.
  وأما قياسكم له تعالى ففاسد؛ لأنه ليس لله من جارحة عينين يفتحهما ثم يغمضهما - تعالى الله عن ذلك - فالفرق بينكم وبينه جلي؛ إذ لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص: ٤].
فرع والله سامع مبصر
  جمهور أئمتنا $ والبغدادية: وهما بمعنى عالم كما مر(١).
(١) قال مولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي # في مجمع الفوائد في سياق كلامه على مسألة سميع وبصير: ولا خلاف في وصفه تعالى بأنه سميع بصير، وإنما وقع الخلاف في معنى ذلك؛ =