فصل
فصل
  ولم يكلف الله عباده العقلاء من معرفة ذاته إلا ما مر؛ لتعذر تصوره تعالى؛ لما ثبت أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض، والتصور إنما يكون لهما ضرورة، وتعذر فهم التعبير عن كنهها؛ لأن التعبير إنما يفهم ضرورة عما يصح أن يدرك بالمشاعر وهي الحواس الخمس، وما يلحق بها وهو: الوجدان المدرك به نحو لذة النفس وألمها، يفهم المخاطب ما كان أدركه بها، أو يفهم المخاطب مثله بالتعبير المعروف الدلالة على ذلك المدرك عنده، ولا يصح أن يدرك بالمشاعر والوجدان إلا ما كان جسماً أو عرضاً، وقد بطل بما مر أن يكون تعالى جسماً أو عرضاً فثبت تعذر فهم التعبير عن كنه ذاته تعالى.
  واعلم أن العلم بأن للمصنوع صانعاً لا يستلزم معرفة كنه ذات صانعه كالآثار الموجودة في القفار.
  الإمام يحيى(١) #، وأبو الحسين البصري، وحفص الفرد(٢)، وضرار: وله تعالى ماهية يختص بعلمها.
(١) هو الإمام المؤيد بالله أبو إدريس يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن يوسف بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إدريس بن جعفر الزكي بن علي النقي بن محمد التقي الجواد بن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن سيد العابدين علي بن الحسين السبط بن الإمام الوصي $. هذا الإمام من مِنَنِ الله على أرض اليمن، وأنواره المضيئة في جبين الزمن، نفع الله بعلومه الأئمة، وأفاض من بركاته على هذه الأمة، وله الكرامات الباهرة، والدلالات الظاهرة. قيامه: بعد وفاة الإمام محمد بن المطهر سنة تسع وعشرين وسبعمائة. ومن مؤلفاته: في أصول الدين الشامل أربعة مجلدات، والتمهيد مجلدان، والنهاية مجلدان، والمعالم الدينية مجلد، والإفحام للباطنية مجلد، ومشكاة الأنوار مجلد، والتحقيق في التكفير والتفسيق مجلد. وفي أصول الفقه: كتاب الحاوي ثلاثة مجلدات، والقسطاس مجلدان، والمعيار مجلد، وكان يسمي مصنفاته التعاليق تواضعاً، وهي التي اغترفت منها العلوم، وبلغت كراريسها بعدد أيامه. وفاته: سنة تسع وأربعين وسبعمائة، عن اثنتين وثمانين سنة، مشهده بمدينة ذمار، وكان يسمع وقت وفاته نداء لفظه إمام علم وهدى [انتهى نقلاً من كتاب التحف شرح الزلف].
(٢) هو حفص بن الفرد المصري البصري: كان معتزلياً ثم انتقل إلى مذهب الجبر.