الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[رحمن ورحيم]

صفحة 68 - الجزء 1

  لما كان لا يتم حفظ مثلها لأحد في الشاهد إلا بمتابعة إبصارها بالعين.

  وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}⁣[المائدة: ١١٦] كالثاني.

  وقوله تعالى حاكياً: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}⁣[الزمر: ٥٦]، من المجاز أيضاً؛ لأن الْجَنْبَ هنا عبارة عن الطاعة، والعلاقة تسمية الحال باسم محله، والمحل غير الله تعالى؛ لأن ذلك تعبير عن الطاعة بكلمة الجنب، الذي هو الجهة الحاصلة تلك الطاعة منها؛ لأن الجنب يطلق على الجهة قال الشاعر:

  كأنه خارجاً من جَنْبِ صَفحته ... سَفُّودُ شَرْبٍ نَسَوْهُ عند مفتأد⁣(⁣١)

  أي: من جهة صفحته، وأضيف إلى اسم الله تعالى لأنه صار عبارة عن طاعته تعالى.

[رحمن ورحيم]

  ورحمن ورحيم: حقيقتان دينيتان لا لغويتان؛ لأنهما لو كانا مجازاً لافتقرا إلى القرينة، وهما لا يفتقران، بل لا يجري لفظ «رحمن» مطلقاً، و «رحيم» غير مضاف إلا له تعالى، ولو كانتا لغويتين لاستلزما التشبيه، وقد مر إبطاله.

  ورحيم: منقول، ورحمن: غير منقول؛ إذ لم يطلق على غيره لغة البتة، وقولهم: «رحمن اليمامة» كقول الصوفية: «الله»، للمرأة الحسناء تعالى الله الرحمن عن ذلك علواً كبيراً.

  وأما رحمة الله تعالى فمجاز؛ لأن العلاقة المشابهة بين فعله تعالى، وفعل ذي الحنو والشفقة من خلقه.

  وجميعُ ذلك لا يكون إلا سماعاً اتفاقاً.


(١) يصف الشاعر قرن ثور الوحش خارجاً من جنب صفحة كلب الصيد أي جنبه حين أرسله على الثور فنطحه كأنه سفود شرب نسوه عند مفتأد؛ فالسفود الحديدة التي يشوي بها اللحم، والشرب الجماعة من الناس يجتمعون على الشراب، والمفتأد التنور والموضع الذي يشوى فيه اللحم.