ذكر نكت من كلامه #:
  والخامس من الأصول: أن التقلب بالأموال والتجارات في المكاسب في وقت ما تعطّل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل الله للأرامل والأيتام والمكافيف والزمنى وسائر الضعفاء - ليس من الحلّ والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان والقائمين بحدود الرحمن، فجميع هذه الأصول الخمسة لا يسمع أحدا من المكلفين جهلها، بل يجب عليهم معرفتها(١).
  وقال # في بعض مواعظه: أما بعد، فإن الدنيا دار غرور، لا يدوم فيها سرور، ولا يؤمن فيها محذور. جديدها يبلى، وخيرها يفنى. من وثق بها خدعته، ومن اطمأن إليها صرعته، ومن أكرمها أهانته. أفراحها تعقب أحزانا، ولذاتها تورث أشجانا. أما بعد: فأن أعمار الدنيا قصيرة، ورحاها مديرة، وسهاماتها قاصدة، وحتوفها راصدة. المغرور من اغتر بها، والمخدوع من ركن إليها. من زهد فيها كفيها، ومن رغب عنها وطيها قد غرت القرون الماضية، وهي على الباقين آتية، فيا بؤسا للباقين لا يعتبرون بالماضين، يجمعون للوارثين، ويقيمون في محلة المتحيرين.
  أما بعد: فاقنع باليسير، وبادر في التشمير(٢)، وإياك والتغرير، وانظر إلى ما تصير، فليس الأمر بصغير، وهيئ زادك للمسير، فقد أتاك النذير. أما بعد: فقد وضح لك الطريق، فلا تحيدنّ عن إطاره إلى المضيق، فقد مضت الأيام وذهبت الأعوام، وفنيت الأعمار وأحصيت الآثار، وعن قليل تدعى فتجيب، وتظعن فتغيب، فعجب لقلبك كيف لا يتصدع، وعجب لركنك كيف لا يتضعضع، وعجب لجسمك كيف لا يتزعزع!؟. أما بعد: فإنه ليس لحي في الدنيا مقام، وعن قليل يأتيك الحمام، وكل خلق تفنيه الأيام، فلا تكن كالغافل النّوّام، فإنما
(١) مجموع الرسائل ١/ ٦٤٧ - ٦٤٨.
(٢) سقط من (أ) وبادر في التشمير.