شجاعته ورباطة جأشه
  وتجنب الإبتذال، فقد كان الأقدر في زمانه على توظيف الكلمة، وصياغة الإقناع، وذلك بما منحه الله من سرعة بديهة، وذكاء وقاد، وقوة نفسية هائلة، إلى جانب عناصر أخرى جعلته لا يحصر في موقف، ولا يهزم في مناظرة، ولا ينحني في حوار، سريعٌ جوابه، محكم قوله، لم يعرف أفصح، ولا أبلغ منه، بشهادات مشاهير الفصحاء والخطباء.
  قال عنه الكميت بن زيد الأسدي: ما رأيت قط أبلغ من زيد بن علي(١).
  وقال خالد بن صفوان: انتهت الفصاحة، والخطابة، والزهادة، والعبادة من بني هاشم إلى زيد بن علي(٢).
  وكان الناس يتابعون كلام الإمام زيد، ويحفظونه كما يحفظ النادر من الشعر، والغريب من الحكم(٣)، ولهذا قال هشام في رسالة له إلى يوسف بن عمر: امنع أهل الكوفة من حضور زيد بن علي، فإن له لساناً أقطع من ظبة السيف، وأحصد من شبا الأسنة، وأبلغ من السحر والكهانة، وكل نفث في عقدة(٤).
شجاعته ورباطة جأشه
  الشجاعة والإمام زيد صنوان لا يفترقان، ويبدو لي أن الشيء من معدنه لا يستغرب، فالشجاعة صفة متجذرة في بيوت بني هاشم، ورثوها كابراً عن كابر، وجيلاً بعد جيل، حتى عرفت بهم وعرفوا بها، وباستقصائك التاريخ لن تجد بيتاً آخر وازى أو يوازي هذا البيت، في إنجابه للأبطال والفرسان والشهداء، كما لن تجد معركة اشتعل أوارها غضباً لله ولرسوله ليس لآل البيت فيها سيف مصلت، أو رمح مشرع، أو على الأقل ليس لها علاقة بهم.
(١) الأمالي الإثنينية (خ) تحت التحقيق.
(٢) الإفادة في تاريخ الأئمة السادة.
(٣) زهر الآداب للقيرواني ١/ ١١٩.
(٤) زهر الآداب للقيرواني ١١٨.