زهده وورعه
  في جوف الليل ما شاء الله، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى، ويتضرع له، ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر، ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار، ثم يذهب لقضاء حوائجه، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه، واشتغل بالتسبيح والتحميد للرب المجيد، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس، ثم يصلي العصر، ثم يشتغل بالتعقيب ساعة، ثم يسجد سجدة، فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء)(١)، وهكذا.
زهده وورعه
  ولقد سلك خط المترفعين عن زخرف الحياة الفانية وزينتها، وأيقن أنها مجرد حطام رخيص، ولهذا انصرف عن كل ذلك، وذهب عن هذه الحياة مثل ما قدم إليها، اللهم إلاّ جواده وآلة حربه التي ادخرها لنصرة الحق، ومقارعة الباطل، ولو أنه أراد الحياة الدنيا لأصابها بحظ وافر، ولكنه كان يقول في رفض قاطع: من أحب الحياة عاش ذليلاً، قال عامر الشعبي: ما رأيت أزهد من زيد بن علي(٢)، وكما عرف # بزهده، فقد عرف بورعه عن المحارم، وهو القائل: (والله ما كذبت كذبة، منذ عرفت يميني من شمالي، ولا انتهكت لله محرماً منذ عرفت أن الله يعاقب عليه)(٣)، ومن كان الإخلاص ديدنه، وفعل الخير دأبه، فلن يكون إلاّ كذلك.
فصاحته وبلاغته
  وأمّا في هذا الميدان فواحد من أفصح فصحاء العرب، ويعتبر - بحق - سيد الموهوبين على هذا الصعيد، من حيث امتلاك الكلمة القوية المؤثرة، والقدرة على انتقاء العبارة،
(١) وسائل الشيعة ٧/ ١٢٢.
(٢) الروض النظير ١/ ٩٧.
(٣) تيسير المطالب ٨٠.