الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أغلاط العرب

صفحة 479 - الجزء 2

  إذا ضفتهم أو سآيلتهم ... وجدت بهم علّة حاضره⁣(⁣١)

  أراد: ساءلتهم (فاعلتهم) من السؤال، ثم عنّ له أن يبدل الهمزة على قول من قال: سايلتهم، فاضطرب عليه الموضع فجمع بين الهمزة والياء، فقال: سآيلتهم.

  فوزنه على هذا: فعاعلتهم. وإن جعلت الياء زائدة لا بدلا كان: فعايلتهم. وفى هذا ما تراه فاعجب له.

  ومن أغلاطهم ما يتعايبون به فى الألفاظ والمعانى من نحو قول ذى الرمّة:

  * والجيد من أدمانة عنود⁣(⁣٢) *

  وقوله:

  حتى إذا دوّمت فى الأرض راجعه ... كبر ولو شاء نجّى نفسه الهرب⁣(⁣٣)

  وسنذكر هذا ونحوه فى باب سقطات العلماء؛ لما فيه من الصنعة. وكذلك غمز بعضهم على بعض فى معانيهم؛ كقول بعضهم لكثيّر فى قوله:

  فما روضة بالحزن طيّبة الثرى ... يمجّ الندى جثجاثها وعرارها

  بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها⁣(⁣٤)

  والله لو فعل هذا بأمة زنجيّة لطاب ريحها؛ ألا قلت كما قال سيّدك:

  ألم تر أنى كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب⁣(⁣٥)


(١) الأدمانة: الأدمة فى الظباء لون مشرب بياضا. والبيت فى اللسان (أدم) وفيه «عتود» بدل «عنود» وانظر اللسان (أدم).

(٢) البيت من المتقارب، وهو لبلال بن جرير فى لسان العرب (سأل)، وتاج العروس (سأل).

(٣) البيت من البسيط، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ١٠٢، وجمهرة اللغة ص ٦٨٤، ولسان العرب (دوم)، (دوا). دوّمت الكلاب: أمعنت فى السير، وقال ابن الأعرابى: أدامته. وعن الأصمعىّ قال: دوّمت خطأ منه، لا يكون التدويم إلا فى السماء دون الأرض. وانظر اللسان (دوم).

(٤) الطويل، وهو لكثير فى ديوانه ص ٤٣٠، ولسان العرب (ندل)، وجمهرة اللغة ص ١٨٠، والأغانى ١٥/ ٢٧٤. الجثجاث: ريحانة طيبة الريح برّيّة. والعرار: بهار البرّ، وهو نبت طيب الريح، قال ابن برّىّ: هو النرجس البرّيّ. اللسان (عرر). المندل: العود.

(٥) أى امرؤ القيس، والبيت من قصيدة فى ديوانه.