باب فى سقطات العلماء
  لِلنَّاسِ حُسْناً} ومثله فى الفعل والفعلى: الذكر والذكرى، وكلاهما مصدر. ومن الأوّل البؤس والبؤسى، والنعم والنعمى. ولذلك نظائر.
  وروينا - فيما أظنّ - عن محمد بن سلّام الجمحىّ قال: قال لى يونس بن حبيب: كان عيسى بن عمر يتحدّث فى مجلس فيه أبو عمرو بن العلاء. فقال عيسى فى حديثه: ضربه فحشّت يده. فقال أبو عمرو: ما تقول يا أبا عمر! فقال عيسى: فحشّت(١) يده. فقال أبو عمرو: فحشّت يده. قال يونس: التى ردّه عنها جيّدة. يقال: حشّت يده - بالضمّ - وحشّت يده - بالفتح - وأحشّت. وقال يونس: وكانا إذا اجتمعا فى مجلس لم يتكلّم أبو عمرو مع عيسى؛ لحسن إنشاده وفصاحته.
  الزيادىّ عن الأصمعىّ قال: حضر الفرزدق مجلس ابن أبى إسحاق، فقال له: كيف تنشد هذا البيت:
  وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر(٢)
  فقال الفرزدق: كذا أنشد. فقال ابن أبى إسحاق: ما كان عليك لو قلت: فعولين! فقال الفرزدق: لو شئت أن تسبّح لسبّحت. ونهض فلم يعرف أحد فى المجلس ما أراد بقوله: لو شئت أن تسبّح لسبّحت، أى لو نصب لأخبر أن الله خلقهما وأمرهما أن تفعلا ذلك، وإنما أراد: أنهما تفعلان بالألباب ما تفعل الخمر (قال أبو الفتح: كان هنا تامّة غير محتاجة إلى الخبر، فكأنه قال: وعينان قال الله:
  احدثا فحدثتا، أو اخرجا إلى الوجود فخرجتا).
  وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى قال: سأل رجل سيبويه عن قول الشاعر:
  * يا صاح يا ذا الضامر العنس(٣) *
(١) حشت يده: يبست.
(٢) قبله:
لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشى لا هراء ولا نزر
(٣) صدر بيت من الكامل، وهو لخالد بن مهاجر فى الأغانى ١٠/ ١٠٨، ١٠٩، ١٣٦، ١٦/ ١٤٠، ١٤١، ١٤٢، ولخزز بن لوذان فى خزانة الأدب ٢/ ٢٣٠، ٢٣٣، والكتاب