باب فى الجمع بين الأضعف والأقوى فى عقد واحد
  ثم رخّمه ثانيا على قولك: يا حار، فصار: يا معاو؛ كما ترى. أفلا تراه كيف جمع بين الترخيمين: أحدهما على يا حار، وهو الضعيف، والآخر على يا حار، وهو القوىّ.
  ووجه الحكمة (فى الجمع بين اللغتين): القويّة والضعيف فى كلام واحد هو: أن يروك أن جميع كلامهم - وإن تفاوتت أحواله فيما ذكرنا وغيره - على ذكر منهم، وثابت فى نفوسهم. نعم، وليؤنّسوك بذاك، حتى إنك إذا رأيتهم وقد جمعوا بين ما يقوى وما يضعف فى عقد واحد، ولم (يتحاموه ولم يتجنّبوه)، ولم يقدح أقواهما فى أضعفهما، كنت إذا أفردت الضعيف منهما بنفسه ولم تضممه إلى القوىّ فيتبين به ضعفه وتقصيره عنه، آنس به، وأقلّ احتشاما لاستعماله؛ فقد عرفت ما جاء عنهم من نحو قولهم: كل مجر بالخلاء يسرّ.
  وأنشد الأصمعىّ:
  فلا تصلى بمطروق إذا ما ... سرى فى القوم أصبح مستكينا
  إذا شرب المرضّة قال: أوكى ... على ما فى سقائك قد روينا(١)
  وغرضه فى هذين البيتين أن يريك خفضه فى حال دعته. وقريب منه قول لبيد:
  يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم فى كبد(٢)
  أى: هناك يعرف قدر الإنسان، لا فى حال الخلوة والخفيضة. وعليه قولها(٣):
(١) البيتان من الوافر، وهما لابن أحمد فى ديوانه ص ١٦١، ولسان العرب (رضض)، (معد)، (طرق)، وجمهرة اللغة ص ١٢٢، وتاج العروس (رضض)، (معد)، وأساس البلاغة (رضض)، (وكى)، (طرق)، وبلا نسبة فى المخصص ٣/ ١٠٢، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٧٥٢، والمخصص ٥/ ٤٤، ٨/ ٥٥، ومقاييس اللغة ٢/ ٣٧٥، ٣/ ٤٨، ومجمل اللغة ٣/ ٤١، ويروى البيت الأول منهما: ولا تحلى بدلا من فلا تصلى. المطروق: الضعيف اللين، والمرضة: اللبن الحليب الذى يحلب على الحامض.
(٢) البيت من المنسرح، وهو للبيد فى ديوانه ص ١٦٠، وتذكرة النحاة ص ١١٨، ولسان العرب (كبد)، (عدل).
(٣) أى الخنساء فى رثاء أخيها صخر. وفى ط:
* وأبكيه لكل مغيب شمس* (نجار).