الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الجمع بين الأضعف والأقوى فى عقد واحد

صفحة 509 - الجزء 2

  يذكّرنى طلوع الشمس صخرا ... وأذكره لكل غروب شمس

  أى وقتى الإغارة والإضافة. وقد كثر جدّا. وآخر من جاء به شاعرنا، قال:

  وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا⁣(⁣١)

  ونظير هذا الإنسان يكون له ابنان أو أكثر من ذلك، فلا يمنعه نجابة النجيب منهما الاعتراف بأدونهما، وجمعه بينهما فى المقام الواحد، إذا احتاج إلى ذلك.

  وقد كنا قدّمنا فى هذا الكتاب حكاية أبى العباس مع عمارة وقد قرأ: (ولا الليل سابق النهار) فقال له (أبو العباس): ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار.

  فقال: فهلا قلته! فقال عمارة: لو قلته لكان أوزن.

  وهذا يدلّك على أنهم قد يستعملون من الكلام ما غيره (آثر فى نفوسهم منه)؛ سعة فى التفسّح، وإرخاء للتنفّس، وشحّا على ما جشموه فتواضعوه، أن يتكارهوه فيلغوه ويطّرحوه. فاعرف ذلك مذهبا لهم، ولا (تطعن عليهم) متى ورد عنهم شيء منه.

  * * *


(١) فى ز: «فقال». والبيت من قصيدة يمدح فيها أبو الطيب سيف الدولة بن حمدان، ويذكر انتصاره على الروم. يقول: إنهم أظهروا الإقدام على سيف الدولة، فلما أحسوا به فرّوا من بين يديه. (نجار).