الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى المستحيل

صفحة 521 - الجزء 2

  أشدّ انتفاء. وكذلك أيضا حديث الشرط فى نحو إن قمت قمت، جئت فيه بلفظ الماضى الواجب؛ تحقيقا للأمر، وتثبيتا له، أى إن هذا وعد موفى به لا محالة؛ كما أن الماضى واجب ثابت لا محالة.

  ونحو من ذلك لفظ الدعاء ومجيئه على صورة الماضى الواقع؛ نحو أيّدك الله، وحرسك الله، إنما كان ذلك تحقيقا له وتفؤّلا بوقوعه أن هذا ثابت بإذن الله، وواقع غير ذى شكّ. وعلى ذلك يقول السامع للدعاء إذا كان مريدا لمعناه: وقع إن شاء الله، ووجب لا محالة أن يقع ويجب.

  وأما قوله:

  * ولقد أمرّ على اللئيم يسبّنى⁣(⁣١) *

  فإنما حكى فيه الحال الماضية، والحال لفظها أبدا بالمضارع؛ نحو قولك: زيد يتحدّث ويقرأ، أى هو فى حال تحدّث، وقراءة. وعلى نحو من حكاية الحال فى نحو هذا قولك: كان زيد سيقوم أمس، أى كان متوقّعا (منه القيام) فيما مضى.

  وكذلك قول الطرمّاح:

  * ... واستيجاب ما كان فى غد⁣(⁣٢) *

  يكون عذره فيه: أنه جاء بلفظ الواجب؛ تحقيقا له، وثقه بوقوعه، أى إن الجميل منكم واقع متى أريد، وواجب متى طلب. وكذلك قوله:

  * أوديت إن لم تحب حبو المعتنك⁣(⁣٣) *

  جاء به بلفظ الواجب؛ لمكان حرف الشرط الذى معه، أى إن هذا كذا لا شكّ فيه، فالله الله (فى أمرى) يؤكّد بذلك على حكم فى قوله:

  * يا حكم الوارث عن عبد الملك⁣(⁣٤) *


(١) سبق تخريجه.

(٢) سبق تخريجه.

(٣) سبق تخريجه.

(٤) نفس تخريج رقم (٣). وبعده:

* ميراث أحساب وجود منسفك*