الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب ذكر علل العربية أكلامية هى أم فقهية؟

صفحة 115 - الجزء 1

  ومن حديث الاستثقال والاستخفاف أنك لا تجد فى الثنائى - على قلة حروفه - ما أوله مضموم، إلا القليل؛ وإنما عامّته على الفتح، نحو هل، وبل، وقد، وأن، وعن، وكم، ومن، وفى المعتلّ أو، ولو، وكى، وأى، أو على الكسر؛ نحو إن، ومن، وإذ. وفى المعتل إى، وفى، وهى. ولا يعرف الضم فى هذا النحو إلا قليلا؛ قالوا: هو، وأما هم فمحذوفة من همو، كما أن مذ محذوفة من منذ. وأما هو من نحو قولك: رأيتهو، وكلمتهو، فليس شيئا، لأن هذه ضمة مشبعة فى الوصل؛ ألا تراها يستهلكها الوقف، وواو هو فى الضمير المنفصل ثابتة فى الوقف والوصل. فأما قوله:

  فبيناه يشرى رحله قال قائل: ... لمن جمل رخو الملاط نجيب⁣(⁣١)

  فللضرورة، والتشبيه للضمير المنفصل بالضمير المتصل فى عصاه وقناه. فإن قلت: فقد قال:

  * أعنّى على برق أريك وميضهو⁣(⁣٢) *

  فوقف بالواو، وليست اللفظة قافية، وقد قدّمت أن هذه المدّة مستهلكة فى حال الوقف، قيل: هذه اللفظة وإن لم تكن قافية، فيكون البيت بها مقفّى، أو مصرعا، فإن العرب قد تقف على العروض نحوا من وقوفها على الضرب، أعنى مخالفة ذلك لوقف الكلام المنثور غير الموزون؛ ألا ترى إلى قوله أيضا:

  * فأضحى يسحّ الماء حول كتيفتن*

  فوقف بالتنوين خلافا على الوقف فى غير الشعر. فإن قلت: فأقصى حال قوله «كتيفتن» - إذ ليست قافية - أن تجرى مجرى القافية فى الوقف عليها، وأنت ترى الرواة أكثرهم على إطلاق هذه القصيدة ونحوها بحرف اللين للوصل، نحو قوله: ومنزلى، وحوملى، وشمألى، ومحملى، فقوله «كتيفتن» ليس على وقف الكلام


(١) البيت من الطويل، وهو للعجير السلولىّ فى خزانة الأدب ٥/ ٢٥٧، ٢٦٠، ٩/ ٤٧٣، والدرر ١/ ١٨٨، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٣٣٢، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٤، والكتاب ص ١٤١، ولسان العرب (هدبد)، (ها)، وبلا نسبة فى الإنصاف ص ٥١٢، وخزانة الأدب ١/ ١٥٠، ٥/ ٢٦٥، ورصف المبانى ص ١٦، وشرح المفصل ١/ ٦٨، ٣/ ٩٦.

(٢) هو لامرئ القيس فى المعلقة.