باب فى تخصيص العلل
  أى ذات أشر، والأشر: الحزّ والقطع، وذو الشئ قد يكون مفعولا كما يكون فاعلا؛ وعلى ذلك عامّة باب طاهر، وطالق، وحائض، وطامث؛ ألا ترى أن معناه: ذات طهر، وذات طلاق، وذات حيض، وذات طمث. فهذه ألفاظ ليست جارية على الفعل؛ لأنها لو جرت عليه للزم إلحاقها تاء التأنيث؛ كما لحقت نفس الفعل. وعلى هذا قول الله تعالى: {فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ}[القارعة: ٧] أى ذات رضا، فمن هنا صارت بمعنى مرضيّة. ولو جاءت مذكّرة لكانت كضارب وبازل، كباب حائض وطاهر؛ إذ الجميع غير جار على الفعل، لكن قوله تعالى «راضية» كقوله (لا زالت يمينك آشرة).
  وينبغى أن يعلم أن هذه التاء فى (راضية) و (آشرة) ليست التاء التى يخرج بها اسم الفاعل على التأنيث لتأنيث الفعل من لفظه؛ لأنها لو كانت تلك لفسد القول؛ ألا ترى أنه لا يقال: ضربت الناقة ولا رضيت العيشة. وإذا لم تكن إيّاها وجب أن تكون التى للمبالغة؛ كفروقة، وصرورة، وداهية، وراوية، مما لحقته التاء للمبالغة والغاية. وحسّن ذلك أيضا شيء آخر. وهو جريانها صفة على مؤنث، وهى بلفظ الجارى على الفعل، فزاد ذلك فيما ذكرنا؛ ألا ترى إلى همز حائض، وإن لم يجر على الفعل، إنما سببه أنه شابه فى اللفظ ما اطّرد همزه من الجارى على الفعل؛ نحو قائم، وصائم وأشباه ذلك. ويدلّك على أن عين حائض همزة، وليست ياء خالصة - كما لعلّه يظنّه كذلك ظانّ - قولهم: امرأة زائر، من زيارة النساء، وهذا واضح؛ ألا ترى أنه لو كانت العين صحيحة لوجب ظهورها واوا وأن يقال: زاور. وعليه قالوا: الحائش، والعائر للرمد، وإن لم يجريا على الفعل، لمّا جاءا مجئ ما يجب همزه وإعلاله فى غالب الأمر.
  نعم وإذا كانوا قد أنّثوا المصدر لمّا جرى وصفا على المؤنّث؛ نحو امرأة عدلة، وفرس طوعة القياد، وقول أميّة:
= وكان همام قد أبلى فى بنى تغلب فى حرب البسوس وقاتل قتالا شديدا ثم إنه عطش فجاء إلى رحله يستسقى وناشرة عند رحله، فلما رأى غفلته طعنه بحربة فقتله وهرب إلى بنى تغلب. اللسان (أشر).