الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ

صفحة 240 - الجزء 1

  وإنّ حديثا منك - لو تعلمينه - ... جنى النحل فى ألبان عوذ مطافل⁣(⁣١)

  وقال آخر:

  وحديثها كالغيث يسمعه ... راعى سنين تتابعت جدبا

  فأصاخ يرجو أن يكون حيّا ... ويقول من فرح هيا ربّا⁣(⁣٢)

  وقال الآخر:

  وحدّثتنى يا سعد عنها فزدتنى ... جنونا فزدنى من حديثك يا سعد⁣(⁣٣)

  وقال المولّد:

  وحديثها السّحر الحلال لو انه ... لم يجن قتل المسلم المتحرّز⁣(⁣٤)

  الأبيات الثلاثة. فإذا كان قدر الحديث - مرسلا - عندهم هذا، على ما ترى فكيف به إذا قيّده بقوله (بأطراف الأحاديث). وذلك أن فى قوله (أطراف الأحاديث) وحيا خفيّا، ورمزا حلوا؛ ألا ترى أنه يريد بأطرافها ما يتعاطاه المحبّون، ويتفاوضه ذوو الصبابة المتيّمون؛ من التعريض، والتلويح، والإيماء دون التصريح، وذلك أحلى وأدمث، وأغزل وأنسب، من أن يكون مشافهة وكشفا، ومصارحة وجهرا، وإذا كان كذلك فمعنى هذين البيتين أعلى عندهم، وأشدّ تقدّما فى نفوسهم، من لفظهما وإن عذب موقعه، وأنق له مستمعه.


(١) البيت من الطويل، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى الدرر (٥/ ٧)، وشرح أشعار الهذليين ١/ ١٤١، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٨٧، وشرح شواهد الشافية ص ١٤٤، ولسان العرب (بكر)، (طفل)، وتاج العروس (طفل)، وبلا نسبة فى شرح شافية ابن الحاجب ٢/ ١٨٢، وهمع الهوامع ٢/ ٤٦.

(٢) البيت الثانى من الطويل، وهو بلا نسبة فى أمالى القالى ١/ ٨٤، والبيان والتبيين ١/ ٢٨٣، والخصائص ١/ ٢٩، ٢١٩، وشرح شواهد المغنى ص ٦٣، ولسان العرب (هيا)، ومغنى اللبيب ص ٢٠، وفى معجم شواهد النحو الشعرية (الرقم ٢٢٢) أنه ورد منسوبا للراعى فى ألف باء للبلوى ٢/ ٤٧٨، ولم أجده فى ديوانه، وقد ورد (ويقول من فرح).

(٣) هو العباس بن الأحنف. وانظر الديوان المطبوع فى استامبول ص ٥٨، ومعاهد التنصيص ١/ ٥٧. (نجار).

(٤) هو ابن الرومى. وانظر فى هذا الجزء ص ٢٩ (نجار).