الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى مراتب الأشياء

صفحة 273 - الجزء 1

  ولهذا نظائر كثيرة؛ إلا أن هذا سمتها وطريقها.

  فقد ثبت بذلك أن هذه الأصول المومأ إليها على أضرب:

  منها ما لا يمكن النطق به أصلا؛ نحو ما اجتمع فيه ساكنان؛ كسماء، ومبيع، ومصوغ، ونحو ذلك.

  ومنها ما يمكن النطق به، غير أن فيه من الاستثقال ما دعا إلى رفضه واطّراحه، إلا أن يشذّ الشئ القليل منه فيخرج على أصله منبهة ودليلا على أوليّة حاله؛ كقولهم: لححت عينه، وألل السقاء، إذا تغيّرت ريحه، وكقوله:

  لا بارك الله فى الغوانى هل ... يصبحن إلا لهنّ مطّلب⁣(⁣١)

  ومن ذلك امتناعهم من تصحيح الياء فى نحو موسر، وموقن، والواو فى نحو ميزان، وميعاد، وامتناعهم من إخراج افتعل وما تصرّف منه إذا كانت فاؤه صادا، أو ضادا، أو طاء، أو ظاء، أو دالا، أو ذالا، أو زايا على أصله، وامتناعهم من تصحيح الياء والواو إذا وقعتا طرفين بعد ألف زائدة، وامتناعهم من جمع الهمزتين فى كلمة واحدة ملتقيتين غير عينين. فكل هذا وغيره مما يكثر تعداده، يمتنع منه استكراها للكلفة فيه، وإن كان النطق به ممكنا غير متعذّر.

  وحدّثنا أبو علىّ | فيما حكاه - أظنه - عن خلف الأحمر: قال: يقال التقطت النوى، واشتقطته، واضتقطته. فصحّح تاء افتعل وفاؤه ضاد، ونظائره - مما يمكن النطق به إلا أنه رفض استثقالا له - كثيرة. قال أبو الفتح: ينبغى أن تكون الضاد فى اضتقطت بدلا من شين اشتقطت، فلذلك ظهرت؛ كما تصحّ التاء مع الشين. ونظيره قوله:

  * مال إلى أرطاة حقف فالطجع⁣(⁣٢) *


(١) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص ٣، والأزهيّة ص ٢٠٩، والدرر ١/ ١٦٨، وشرح شواهد المغنى ص ٦٢ والكتاب ٣/ ٣١٤، واللسان (غنا)، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ص ٢٤٣، وهمع الهوامع ١/ ٥٣.

(٢) الرجز لمنظور بن حبة الأسدى فى شرح التصريح ٢/ ٣٦٧، وبلا نسبة فى التنبيه والإيضاح ٢/ ٢٣٤ والتاج (أبز)، (أرط)، (ضجع) والأشباه والنظائر ٢/ ٣٤٠، وأوضح المسالك ٤/ ٣٧١ =