الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى عكس التقدير

صفحة 284 - الجزء 1

  ونقاواة، وسمانى، وسماناة. ومثل ذلك من الممدود قولهم: طرفاء وطرفاءة، وقصباء وقصباءة، وحلفاء وحلفاءة، وباقلاء وباقلاءة. فمن قال: (طرفاء) فالهمزة عنده للتأنيث، ومن قال: (طرفاءة) فالتاء عنده للتأنيث، وأمّا الهمزة على قوله فزيادة لغير التأنيث. وأقوى القولين فيها عندى أن تكون همزة مرتجلة غير منقلبة؛ لأنها إذا كانت منقلبة فى هذا المثال فإنها عن ألف التأنيث لا غير؛ نحو صحراء، وصلفاء⁣(⁣١)، وخبراء⁣(⁣٢)، والحرشاء. وقد يجوز أن تكون منقلبة عن حرف لغير الإلحاق فتكون - فى الانقلاب لا فى الإلحاق - كألف علباء، وحرباء. وهذا مما يؤكّد عندك حال الهاء؛ ألا ترى أنها إذا لحقت اعتقدت فيما قبلها حكما ما، فإن لم تلحق حار الحكم إلى غيره. ونحو منه قولهم: الصفنة⁣(⁣٣)، والصفن، والرضاع، والرضاعة، وهو صفو الشئ وصفوته، وله نظائر قد ذكرت، ومنه البرك، والبركة للصدر.

  ومن ذلك قولنا: كان يقوم زيد، ونحن نعتقد رفع (زيد) بـ (كان)، ويكون (يقوم) خبرا مقدّما عليه. فإن قيل: ألا تعلم أنّ (كان) إنما تدخل على الكلام الذى كان قبلها مبتدأ وخبرا، وأنت إذا قلت: يقوم زيد فإنما الكلام من فعل وفاعل فكيف ذلك؟ فالجواب أنه لا يمتنع أن يعتقد مع (كان) فى قولنا: كان يقوم زيد أن زيدا مرتفع بـ (كان)، وأنّ (يقوم) مقدّم عن موضعه، فإذا حذفت (كان) زال الاتّساع وتأخّر الخبر الذى هو (يقوم) فصار بعد (زيد)، كما أن ألف (علقاة) للإلحاق، فإذا حذفت الهاء استحال التقدير فصارت للتأنيث، حتى قال:

  * فكرّ فى علقى وفى مكور⁣(⁣٤) *

  على ذا تأوّله أبو عثمان، ولم يحمله على أنهما لغتان. وأظنه إنما ذهب إلى ذلك لما رآه قد كثرت نظائره؛ نحو سمانى وسماناة، وشكاعى وشكاعاة، وبهمى وبهماة. فألف (بهمى) للتأنيث، وألف (بهماة) زيادة لغير الإلحاق، كألف قبعثرى،


(١) الصلفاء: المكان الغليظ الجلد.

(٢) الخبراء: القاع ينبت السدر. والجمع الخبارى، بفتح الراء وكسرها. اللسان (خبر).

(٣) الصفن الصفن الصفنة والصفنة: وعاء الخصية. والجمع أصفان.

(٤) سبق تخريجه.