الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى عكس التقدير

صفحة 285 - الجزء 1

  وضبغطرى. ويجوز أن تكون للإلحاق بجخدب على قياس قول أبى الحسن الأخفش، إلا أنه إلحاق اختصّ مع التأنيث؛ ألا ترى أن أحدا لا ينوّن (بهمى) فعلى ذلك يكون الحكم على قولنا: كان يقوم زيد، ونحن نعتقد أن زيدا مرفوع بكان.

  ومن ذلك ما نعتقده فى همزة حمراء، وصفراء، ونحوهما أنهما للتأنيث، فإن ركّبت الاسم مع آخر قبله، حرت عن ذلك الاستشعار والتقدير فيها، واعتقدت غيره. وذلك أن تركّب مع (حمراء) اسما قبلها فتجعلهما جميعا كاسم واحد فتصرف (حمراء) حينئذ. وذلك قولك: هذا دار حمراء، ورأيت دار حمراء، ومررت بدار حمراء، وكذلك هذا كلبصفراء، ورأيت كلبصفراء، ومررت بكلبصفراء، [فلا تصرف الاسم للتعريف والتركيب كحضرموت. فإن نكّرت صرفت فقلت: ربّ كلبصفراء مررت به]، وكلبصفراء آخر. فتصرف فى النكرة، وتعتقد فى هذه الهمزة مع التركيب أنها لغير التأنيث، وقد كانت قبل التركيب له.

  ونحو من ذلك ما نعتقده فى الألفات إذا كنّ فى الحروف والأصوات أنها غير منقلبة، وذلك نحو ألف لا، وما، وألف قاف، وكاف، ودال، وأخواتها، وألف على، وإلى، ولدى، وإذا، فإن نقلتها فجعلتها أسماء أو اشتققت منها فعلا استحال ذلك التقدير، واعتقدت فيها ما تعتقده فى المنقلب. وذلك قولك: موّيت إذا كتبت (ما) ولوّيت إذا كتبت (لا) وكوّفت كافا حسنة، ودوّلت دالا جيّدة، وزوّيت زايا قويّة. ولو سميت رجلا بـ (على) أو (إلى) أو (لدى) أو (ألا) أو [إذا]، لقلت فى التثنية: علوان، وإلوان، ولدوان، وألوان، وإذوان، فاعتقدت فى هذه الألفات مع التسميد بها وعند الاشتقاق منها الانقلاب، وقد كانت قبل ذلك عندك غير منقلبة. وأغرب من ذلك قولك: بأبى أنت!. فالباء فى أوّل الاسم حرف جرّ بمنزلة اللام فى قولك: لله أنت! فإذا اشتققت منه فعلا اشتقاقا صوتيّا استحال ذلك التقدير فقلت: بأبأت به بئباء، وقد أكثرت من البأبأة. فالباء الآن فى لفظ الأصل، وإن كنا قد أحطنا علما بأنها فيما اشتقّت منه زائدة للجرّ. ومثال البئباء على هذا الفعلال كالزلزال، والقلقال، والبأبأة الفعللة، كالقلقلة، والزلزلة، وعلى هذا اشتقّوا منهما (البئب) فصار فعلا من باب سلس، وقلق؛ قال: