الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أن المحذوف

صفحة 296 - الجزء 1

  مذهبا للعرب.

  ومما يدلّك على صحّة ذلك قول العرب - فيما رويناه عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى -: (راكب الناقة طليحان) كذا رويناه هكذا؛ وهو يحتمل عندى وجهين:

  أحدهما ما نحن عليه من الحذف، فكأنه قال: راكب الناقة والناقة طليحان، فحذف المعطوف لأمرين: أحدهما تقدّم ذكر الناقة، والشئ إذا تقدّم ذكره دلّ على ما هو مثله. ومثله من حذف المعطوف قول الله ø {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً}⁣[البقرة: ٦٠] أى فضرب فانفجرت. فحذف (فضرب) لأنه معطوف على قوله: (فقلنا). وكذلك قول التغلبىّ⁣(⁣١):

  * إذا ما الماء خالطها سخينا*

  أى شربنا فسخينا. فكذلك قوله: راكب الناقة طليحان، أى راكب الناقة والناقة طليحان.

  فإن قلت: فهلا كان التقدير على حذف المعطوف عليه، أى الناقة وراكب الناقة طليحان؟ قيل يبعد ذلك من وجهين:


(١) عجز بيت لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤، ولسان العرب (طلح)، (حصص)، (سخن)، (سخا)، وجمهرة اللغة ص ٩٩، وتاج العروس (حصص)، (سخن)، وكتاب العين (١/ ٧١)، والمخصص ٣/ ٢، ١٥/ ٦٠، الأغانى ١١/ ٤٥، وجمهرة أشعار العرب ١/ ٣٨٩، والخزانة ٣/ ١٧٨، وشرح ديوان امرئ القيس ص ٣٢٠، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ١/ ١٨٨، وشرح القصائد السبع ص ٣٧٢، وشرح القصائد العشر ص ٣٢١، وشرح المعلقات السبع ص ١٦٥، وشرح المعلقات العشر ص ٨٨، وشعراء النصرانية ص ٤٥٥، وللتغلبى فى التاج (طلح) ومقاييس اللغة ٢/ ١٣، ٣/ ١٦٨، وديوان الأدب ٤/ ٩٢، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (حصص).

والمعلقة أولها:

ألا هبى بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقى خمور الأندرينا

مشعشعة كأن الحص فيها

يقال: «سخين» أى ماء ساخن. ويقال: «سخينا» من السخاء أى: جدنا بأموالنا. وانظر اللسان (سخن)، والمعلقة.