الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب من غلبة الفروع على الأصول

صفحة 309 - الجزء 1

  قولك: هذا الحسن الوجه أن يكون الجرّ فى الوجه من موضعين، أحدهما الإضافة، والآخر تشبيهه بالضارب الرجل الذى إنما جاز فيه الجرّ تشبيها له بالحسن الوجه؛ على ما تقدّم فى الباب قبل هذا.

  فإن قيل: وما الذى سوّغ سيبويه هذا، وليس ممّا يرويه عن العرب رواية، وإنما هو شيء رآه واعتقده لنفسه وعلّل به؟ قيل يدلّ على صحّة ما رآه من هذا وذهب إليه ما عرفه وعرفناه معه: من أن العرب إذا شبّهت شيئا بشئ مكّنت ذلك الشّبه لهما، وعمرت به الحال بينهما؛ ألا تراهم لمّا شبّهوا الفعل المضارع بالاسم فأعربوه، تمّموا ذلك المعنى بينهما بأن شبّهوا اسم الفاعل بالفعل فأعملوه وكذلك لمّا شبّهوا الوقف بالوصل فى نحو قولهم (# والرحمة) وقوله:

  * بل جوز تيهاء كظهر الحجفت⁣(⁣١) *

  وقوله:

  الله نجّاك بكفّى مسلمت ... من بعد ما وبعد ما وبعد مت⁣(⁣٢)


(١) الرجز لسؤر الذئب فى لسان العرب (حجف)، (بلل)، وتاج العروس (حجف)، ولبعض الطائيين فى شرح شواهد الإيضاح ص ٣٨٦، وبلا نسبة فى الإنصاف ١/ ٣٧٩، وجمهرة اللغة ص ١١٣٥، والخصائص ١/ ٣٠٤، ٢/ ٩٨، ورصف المبانى ص ١٥٦، ١٦٢، ٢١٧، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٥٩، ٢/ ٥٦٣، ٦٣٧، وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٢٧٧، وشرح شواهد الشافية ص ١٩٨، وشرح المفصل (٢/ ١١٨، ٤/ ٦٧، ٥/ ٨٩، ٨/ ١٠٥، ٩/ ٨١، ١٠/ ٤٥، المحتسب ٢/ ٩٢، ولسان العرب (بلا) وجمهرة اللغة ص ١١٣٥، والمخصص ٩/ ٧، ١٦/ ٨٤، ٩٦، ١٢٠ وبعده:

* يمسى بها وحوشها قد جئفت*

وجوز: وسط والجمع أجواز. التيهاء: الأرض المضلة الواسعة التى لا أعلام فيها ولا جبال ولا إكام والحجفة: الترس من الجلد، والجمع الحجف. يريد ربّ جوز تيهاء، ومن العرب من إذا سكت على الهاء جعلها تاء فقال: هذا طلحت.

(٢) الرجز لأبى النجم فى لسان العرب (ما) وشرح التصريح ٢/ ٣٤٤، والدرر ٦/ ٢٣٠، ومجالس ثعلب ١/ ٣٢٦، وتاج العروس (ما)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١/ ١١٣، وأوضح المسالك ٤/ ٣٤٨، وخزانة الأدب ٤/ ١٧٧، ٧/ ٣٣٣، والدرر ٦/ ٣٠٥، ورصف المبانى ص ١٦٢، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٦٠، ١٦٣، ٢/ ٥٦٣، وشرح الأشمونى ٣/ ٧٥٦ وشرح شافيه ابن الحاجب ٢/ ٢٨٩، وشرح قطر الندى ص ٣٢٥، وشرح المفصل ٥/ ٨٩، ٩/ ٨١، - والمقاصد النحوية ٤/ ٥٥٩، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧، ٢٠٩. «بعد مت» أراد: بعد ما، فأبدل الألف هاء، ثم أبدل الهاء تاء تشبيها لها بهاء التأنيث. وانظر اللسان (ما).