الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الاعتراض

صفحة 339 - الجزء 1

  ومن الاعتراض قولهم: زيد - ولا أقول إلا حقّا - كريم. وعلى ذلك مسئلة الكتاب: إنه - المسكين - أحمق؛ ألا ترى أن تقديره: إنه أحمق، وقوله «المسكين» أى هو المسكين؛ وذلك اعتراض بين اسم إنّ وخبرها. ومن ذلك مسألته: «لا أخا - فاعلم - لك». فقوله: «فاعلم» اعتراض بين المضاف والمضاف إليه، كذا الظاهر.

  وأجاز أبو علىّ | أن يكون «لك» خبرا، ويكون «أخا» اسما مقصورا تامّا غير مضاف؛ كقولك: لا عصا لك. ويدلّ على صحّة هذا القول أنهم قد كسّروه على أفعال، وفاؤه مفتوحة؛ فهو إذا فعل، وذلك قولهم: أخ وآخاء فيما حكاه يونس.

  وقال بعض آل المهلّب:

  وجدتم بنيكم دوننا إذ نسبتم ... وأىّ بنى الآخاء تنبو مناسبه!⁣(⁣١)

  فغير منكر أن يخرج واحدها على أصله، كما خرج واحد الآباء على أصله؛ وذلك قولهم: هذا أبا، ورأيت أبا، ومررت بأبا. وروينا عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى، قال: يقال هذا أبوك، وهذا أباك، وهذا أبك؛ فمن قال: هذا أبوك، أو أباك، فتثنيته أبوان، ومن قال هذا أبك، فتثنيته أبان، وأبوان. وأنشد:

  سوى أبك الأدنى وإنّ محمدا ... علا كلّ عال يا بن عمّ محمد⁣(⁣٢)

  وأنشد أبو علىّ عن أبى الحسن:

  تقول ابنتى لمّا رأتنى شاحبا ... كأنك فينا يا أبات غريب⁣(⁣٣)

  قال: فهذا تأنيث أبا، وإذا كان كذلك جاز جوازا حسنا أن يكون قولهم: لا أبا لك «أبا» منه اسم مقصور كما كان ذلك فى «أخا لك». ويحسّنه أنك إذا حملت الكلام عليه جعلت له خبرا، ولم يكن فى الكلام فصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجرّ؛ غير أنه يؤنّس بمعنى إرادة الإضافة قول الفرزدق:


(١) البيت بلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ص ١٥٠، ولسان العرب (أخا).

(٢) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (أبى)، وتاج العروس (أبى).

(٣) البيت لأبى الحدرجان فى نوادر أبى زيد ص ٢٣٩، وبلا نسبة فى الدرر ١/ ٢٣٣، ولسان العرب (أبى)، والمقاصد النحوية ٤/ ٢٥٣، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧.